الخميس، 28 أبريل 2011

لم يبق لإسرائيل سوى 9 سنوات! كيف؟

لم يبق لإسرائيل سوى 9 سنوات! كيف؟





أيمن عودة
الجمعة 29/4/2011

نقاش مع الشيخ رائد صلاح والسيّد عوض عبد الفتّاح



لا يمكن قراءة ما يقوم أو يصرّح به الشيخ رائد صلاح بمعزل عن أعماله ونشاطاته، فالشيخ قائد مواجه، وله الكثير من الإسهامات المفيدة التي تجدر الإشارة إليها والإشادة بها، وكلما لاحقته المؤسسة الحاكمة وقفنا إلى جانبه دونما لبس، وفي الوقت ذاته عندما نختلف في الرأي يجب أن نتواجه ونتكاشف مباشرة وبمصداقية، بما يخدم مسيرة شعبنا، وهذا هو الأساس.
شاركنا يوم السبت الأخير معًا، الشيخ رائد وكاتب هذه السطور وبعض الزملاء، في مؤتمر صحفي احتجاجا على منع المخابرات الإسرائيلية عقد مهرجان للسجناء السياسيين والوطنيين، وفي المؤتمر الصحفي خاطب الشيخ رائد الحضور ووسائل الإعلام بقوله: "المؤسسة الإسرائيلية لن تكون قائمة بعد العام 2020".
كنت أتمنّى أن تغفل الصحافة هذا التصريح، إلا أن موقعيْ إنترنت نشراه في ذات اليوم ولحقتهما سائر وسائل الإعلام، فشغلتني أسئلة عدّة: من المستفيد من هذا التصريح المجاني الصادر عن شخصية عربية بارزة؟ وأتساءل افتراضيا: هل هو حديث علمي ومبني على أُسس وبيّنات؟ هل هذا الكلام يحفّز البعض على المزيد من النضال ومن ثَمّ يُحبطهم بعد أن يكتشفوا أنه أضغاث كلام؟ وهل الشيخ رائد صلاح يخطط للإجهاز على دولة إسرائيل حقًا؟ أم أنه يتوّقع أن تقوم بذلك جهة عربية خلال تسع سنوات؟ وكيف له أن يقرر سنة زوال المؤسسة الإسرائيلية؟ ومن المستفيد من فضح هذه الخطة العملية جدًا والفعّالة جدًا إلى درجة أنها ستُؤتي أُكلها بعد تسع سنوات؟!
ثمّ ألا توجد وسائل أخرى للتعبير عن المواقف التي نحذر الحكومة الإسرائيلية من المضي في غيها بحيث تجرّ الويلات على شعبها هي أيضًا،  كالقول: إن كل ظلم زائل وأن الدهر ذو دول، أو يحذّر "قبل أن ينفلت الدولاب" أو "من يسلب حقا بالقتال كيف يحمي حقّه يوما إذا الميزان مال" كقول توفيق زيّاد؟ أو كما سمعنا إميل حبيبي يهتف في ساحة الصداقة: "إسرائيل تملك قنبلة نووية تستطيع أن تضرب بها كل الدول العربية إلا.. أنتم!".. ثم يستطرد: "البقاء والنضال هما كنزنا الاستراتيجي"! وطبعًا سياق وجوهر هذه الشعارات تقدّمي يطرح حلا ومخرجا للشعبين العربي واليهودي معًا بأن يعيشا معًا بتكافؤ ومساواة تامة قومية ومدنية، اجتماعية واقتصادية وثقافية، كجماعة وكأفراد. بديل يرى أن مصلحة الشعب اليهودي الحقيقية هي في الانعتاق من الصهيونية والعيش كجزء من المنطقة وحركة شعوبها، لا معاداة هذه الشعوب، كما هو اليوم.
بين الفينة والأخرى أسمع تصريحات نارية مدهشة من الشيخ رائد صلاح، فمثلا في أحد مهرجانات "الأقصى في خطر" شاهدته يوجّه رسالة بحماس شديد وصوت جهوري إلى الرئيس الأمريكي الغبي جورج بوش، فيقول: "إلى بوش عظيم الأمريكان.. أشهر إسلامك يا بوش" وشاهدت آلاف المشاركين يهتفون بانفعال: "الله أكبر ولله الحمد".. تأمّلت في المشهد ولم أجد بُعدًا عقلانيًا واحدًا فيه. ولو جاء مخلوق فضائي من المريخ، لا يعرف حيثيات الأمور والظلم الواقع علينا من أمريكا وإسرائيل، واستمع إلى خطاب الشيخ رائد صلاح، لامتلأ قلبه شفقة على بوش الضحية الذي يريد له الشيخ رائد صلاح – بلغة الوعيد- أن يغير دينه.
ولكنّ التصريح الأخير (المؤسسة الإسرائيلية لن تكون قائمة بعد العام 2020) يتجاوز التأمّل في الحالة الواردة أعلاه، فمثل هذه التصريحات الصادرة عن أحد أبرز القيادات تُستخدم كمادّة رائعة لكل أعداء وجودنا، فتصوّروا لو نُشر هذا التصريح في مختلف وسائل الإعلام العبرية أو لو وُزّع في شبكات التواصل الاجتماعي والمناشير في الجامعات والأسواق اليهودية، فهل يفيد ذلك شعبنا أم يضرّنا مباشرة؟! هل يُفيد أم الفحم وأخواتها المهدّدة بـ"التبادل السكاني" أم يضرّها، هل يوسّع من دائرة مؤيّدي فكرة الترنسفير هذه أم يضيّقها؟!
مع هكذا تصريح بإمكان الدعاية الإسرائيلية أن تطوي أعلامها لأنّه قويّ ومعبّئ إسرائيليا أكثر من دعاية ليبرمان الانتخابية، ويجعل من إسرائيل التي تنفذ سياسة تمييز واضطهاد، بالفعل وليس القول، هي الضحية والمهدَّدَة.
هل حقًا لا يتعلّم العرب من خطاباتهم الدونكيشوتية، منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي، التي نحقق فيها انجازات صوتية وتسجّل إسرائيل مقابلها انجازات عملية هادئة.
بطبيعة حالي كفلسطيني، كأي فلسطيني، فلست محبًا لإسرائيل، حكومة ونظامًا ودولة، ومنذ صغري، كسائر أترابي، نقف، ابتداءً، ضدّ سياستها وانتهاكاتها، وصولا إلى التحيّز ضد فرقها الرياضية حتى لو لعبت "البنانير" مقابل مكرونيزيا، وهذا واضح ومفهوم ومبرّر لابن شعب أُقيمت دولة إسرائيل على أنقاض شعبه، شرّدته وهدّمت قراه، وما زالت تمارس صنوف القهر والتمييز ضدّه في كافّة أماكن تواجده، ولسنا ضمن أجهزة الأمن الإسرائيلية المباشرة أو المشبّه بها حتى ندافع عن هذه الدولة عندما يأتي الفارس من الدول العربية على حصانه الأشهب!! وهذه هي مواقف أبناء شعبنا الفطرية والعقلانية السليمة، والتي لا تقبل ولا هي بحاجة للتبرّع بتصريحات تعرف المؤسسة وأبواقها الإعلامية كيف تستخدمها لإثارة غرائز الجمهور اليهودي ضد "العدوّ الداخلي"، خاصّة في هذه المرحلة الليبرمانية والقوانين العنصرية والتحريض المنفلت العقال علينا جميعا، وعلى الحركة الإسلامية – الشقّ الشمالي- في أحايين كثيرة.
* * *
وفي سياق متصل نشر سكرتير عام التجمّع عوض عبد الفتاح – قبل فترة وجيزة- مقالا في صحيفة "السفير" اللبنانية عنوانه: ""إسرائيل إذا طبقت المساواة ستنهار"، بينما حزبه "التجمّع" يُطالب بهذه المساواة! هنالك مقولة عامية تقول: "قاللو: نام تأذبحك، جاوبه: حكيك بطير النوم من العنين".
وكنّا صغارًا نحضر فيلم "المتسوّل" وبطله حسنين البرطوشي (عادل إمام) المتعثّر في أماكن عمله إلى أن دبّر له خاله عملا في متجر، فكان كلّما جاءت إمرأة لشراء غذاء لأولادها يأخذ بتعداد مساوئ هذا النوع من الغذاء وضرره بصحّة أولادها، حتى قبض عليه صاحب العمل مستغربًا هل يريد أن يدلّل على بضاعته (المساواة في حالتنا) أم يطرد الزبائن؟! وطرده من عمله.
وهنا يتماشى الأخ عوض عمليا مع منطق اليمين الإسرائيلي، فكلّما حصل العرب على 1% من الحقوق فستنهار الدولة بنسبة 1%، ونفهم من هذا المنطق الواقف على رأسه بأن حكومة اليمين الحالية التي تعزّز من يهودية الدولة بقوانينها العنصرية تعزّز من بُنية الدولة وتقوّي أسسها وأعمدتها في مواجهة الهزّات الديمقراطية لا سيّما هزّة المساواة الحاسمة التي تؤدّي إلى الانهيار، وفق منطق السيّد عوض عبد الفتاح.
* * *
زميليّ، لماذا التبرع بهذه الذخائر لمن يتربّص بنا، وهل يستحيل تسجيل موقف محق وحكيم معا؟ طريقنا كانت وما تزال البقاء، وتعزيز الهوية الوطنية، وانتزاع الحقوق، كل الحقوق، والتأثير على الجمهور اليهودي.. من أجل السلام والمساواة والديمقراطية والعدل الاجتماعي لجميع الشعوب وجميع السكان..
طريقنا أنت تدري/ شوك ووعر عسير/ موت على جانبيه/ ونحن حتمًا نسير

(سكرتير الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق