السبت، 18 يونيو 2011

أيّة "وحدة وطنيّة" هذه بدون الجبهة؟



"التجمّع" يناصب الجبهة العداء بشكلٍ مَرَضِي

أيّة "وحدة وطنيّة" هذه بدون الجبهة؟







السبت 12/1/2008

قبل أيّام وصلتنا رسالة من "التجمّع الوطني الديمقراطي" تؤكّد أنه تمّ التنسيق بين التجمع والحركة الإسلامية الشمالية والحركة الإسلامية الجنوبية وأبناء البلد على إجراء مظاهرة في موعد محدّد وتحت شعارات محدّدة تهاجم جانب فلسطيني واحد، وتغض الطرف عن اخطاء الجانب الآخر، فالأوّل مفرّط بحقوق الشعب الفلسطيني والثاني أطهر من حمام مكّة، شعارات تخوّن قيادات فلسطينيّة، في منطق تخويني نرفضه مبدئيًا، وجاء في الرسالة أن الجميع مدعوّون للتقيّد في هذه الشعارات.
أي أنّ التنسيق بين الحركات السياسية يتمّ بمعزل عن الجبهة وعن دعوتها، كذلك ضرورة التقيّد بالشعارات والمواقف ويوم المظاهرة، كلّها تحدّد سلفًا دون علم الجبهة، وما على الجبهة إلا الالتحاق!!
فيما بعد، تبيّن أن إصدار الرسالة من مكتب "التجمّع" لم يكن صدفة، وتبيّن، لاحقًا، كما علمنا من احد الاطراف المشاركة في تنظيم المظاهرة، ان التجمّع صاغ رسالتين، رسالة للجبهة من أجل إبعادها عن المشاركة، ورسالة أخرى أظهرها لـ"شركائه" مُدعيًا ان هذه الرسالة هي التي بعثها إلى الجبهة!! وبهذا خَدع شركاءه أيضًا.



صورة زنكوغرافية عن الرسالة التي أرسلها التجمّع للجبهة!!!


*أيُزاوَد على مواقف الجبهة؟!*

كما يعرف الجميع، ليست الجبهة التي تُدعى للمشاركة في فعّاليّة كفاحيّة من الباب الخلفي، وهي الجسم صاحب الحضور الجماهيري الكبير والمؤثّر والذي وضع المعادلة التاريخيّة بضرورة إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس وحلّ قضيّة اللاجئين حلا عادلا وفْق قرار الأمم المتحدة، والحقيقية الساطعة أن الحزب الشيوعي - قبل تأسيس الجبهة - وضع هذه المعادلة قبل قرارات الأمم المتحدة بهذا الصدد، وقبل تأسيس منظّمة التحرير الفلسطينية في 1965 وقبل تأسيس حركة فتح في منتصف الخمسينيات وانطلاقتها في الستينيات، هذا هو موقف الحزب والجبهة التاريخي، والذي كلّف حامليه الملاحقة والاعتقال والطرد من العمل، ليس كما هو حال اليوم.
هذا الموقف يُمارس في الجبهة يوميًا، فقبل أسبوع نظّمنا مظاهرة في جبل أبو غنيم وسط تواجد قوات الجيش والشرطة الذين فرضوا جوًا من العنف والإرهاب. وهذا الأسبوع، كنّا الوحيدين الذين تظاهروا ضد رئيس محور الشرّ جورج بوش قبالة القنصلية الأمريكية في القدس، وفي مفارق الطرق من تل ابيب إلى الجليل والمثلث والنقب، وفي الأسبوع القادم سنقيم خيمة احتجاج ضدّ المستوطنات في القدس الشرقيّة، هذا هو دورنا التاريخي واليومي. ألهذا الخط وهذه الممارسة يُقال أن "الجبهة وضعت نفسها في الصفّ الأمريكي – الإسرائيلي"، كما صرّح هذا الأسبوع الشيخ كمال خطيب في راديو الشمس، أهذا هو الصدق والإنصاف والقيم يا شيخ كمال؟! أهكذا نخدم شعبنا يا شيخ؟! لسنا نحن الذين نهاجم أعزّ الرموز الوطنيّة المعادية لامريكا وعلى رأسها القائد الاستثنائي جمال عبد الناصر، ولسنا نحن الذين نغضّ الطرف وننتقي كلمات الإشادة بالدور البطولي للمقاومة اللبنانية الباسلة ضد العدوان الإسرائيلي- الأمريكي على الشعب اللبناني المكافح، أليس كذلك يا شيخ؟!
وبخصوص التطوّرات المعقّدة والخطيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلّة منذ العام 67، وضعت الجبهة معادلة طلائعية تؤكّد ضرورة التراجع عن الخطوة المسيئة التي نفّذتها حماس في غزّة، وضرورة توحيد الأراضي الفلسطينية وضرورة احترام قرار الناخب الفلسطيني الذي أعطى لحماس في التشريعي ولفتح وأبو مازن في الرئاسة، وضرورة العودة إلى الوحدة بناءً على وثيقة الأسرى واتفاق القاهرة واتفاق مكّة الذين أكّدوا على حقوق الشعب الفلسطيني في مسألتي القدس واللاجئين، وحدّدوا التناقض الأساسي الذي يقف ازاءه الشعب الفلسطيني وهو الاحتلال الإسرائيلي، والذي يجب أن توجّه ضدّه كل الضربات، من مقاومة ميدانيّة تعرِف كيف تسدّد الضربات الموجعة، إلى مفاوضات لا تراجع فيها عن الثوابت الأساسية. أيُزاوَد على هذا الموقف؟!
والمزاودة هنا ليست على  الجبهة بقدر مزاودتها على مواقف الغالبية الساحقة من شعبنا، هذه الأغلبية التي تريد ان ترى الوحدة الوطنية ضد الاحتلال وتريد ان ترى مواقفنا عاقلة ومتّزنة وكفاحيّة وتحمل أفقًا للمستقبل.
إذًا، كيف جرت المحاولة الفاشلة والبائسة لاستثناء الجبهة؟! أقول إنّها بائسة لأّن طول أياديها أقصر من الالتفاف على الجبهة وعلى حضورها وتأثيرها، ولأنّ هذه المحاولة هي طعن في صميم الوحدة الوطنيّة لدى جماهيرينا، ولأنّ الناس ملّت، ضجرت وسئمت من الأحابيل والفئويات والمناوشات الهامشية، بدلا من صدق المواقف والإخلاص في التنسيق وتحديد الأهداف المشتركة من أجل الخير لشعبنا وقضاياه.

* * *

*عداء التجمّع للجبهة يُغضب حتى عُقلاء التجمّع*

لا يُخفى على احد أن "التجمّع" أصبح يناصب الجبهة العداء بشكلٍ مَرَضِي، ممّا يجعل أنصار التجمّع يحتجّون امامنا على هذا العداء، فمنذ الرحيل غير المبرّر لعزمي بشارة الذي أساء للعمل الوطني وطَعن حزبه من الخلف وطعن "العقد الاجتماعي" المعقود بينه وبين جمهور ناخبيه الذين منحوه الثقة، وصلَ الأمر بالتجمّع أن يتحالف مع حزب العمل وسائر الأحزاب الصهيونية ضدّ الجبهة في الناصرة، رغم ان الجبهة لوحدها حصلت على 45% من الأصوات!! والتحالف مع أبناء البلد ضد الجبهة في جامعة القدس، رغم أن الجبهة كانت الأولى في الأصوات!! والتحالف مع الحركة الإسلامية ضد الجبهة في جامعة حيفا، رغم أن الجبهة كانت الأولى في الأصوات!! وفي هذا كلّه التفّ التجمّع على إرادة الناخب العربي وثقته اللذيْن اعطيا المركزية للجبهة! وبلغ الأمر بهم ان يهاجموا الجبهة والشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش ويدعونه إلى عدم المجيئ إلى حيفا!! يعيش التواصل القومي!! وغيرها الكثير من التفاصيل المؤلمة، والتي لا حاجة لإرهاق القارئ بها.
موقف التجمّع المعادي للجبهة في الاشهر الأخيرة لم يبدأ من اليوم، ولكنّه تفاقم بعد موقف الجبهة الواضح، الأصيل والشجاع من خيار عزمي بشارة بترك الوطن وعدم المواجهة، فالجبهة كانت أوضح الأحزاب في التصدّي للسلطة التي هاجمت التجمّع، فوقفنا على  كلّ منبر ودافعنا عن التجمّع بصدق والكلّ يشهد على ذلك، وقد حضرتُ اجتماعًا شعبيًا هاجمت السلطة ووقفت إلى جانب التجمع في قضيّته/قضيّتنا ضد "الشاباك" بدون تأتأة، وليس كالذين هاجموا التجمع في ذلك الموضع ومع ذلك أصرّ التجمّع على البقاء صديقًا لهم! والجبهة كانت أوضح الأحزاب في صياغة الموقف بأن البقاء في الوطن- في الجليل والمثلث والنقب وحيفا ويافا وعكّا- قيمة وطنية عُليا وكنز استراتيجي للشعب الفلسطيني، وأن المواجهة مع السلطة قيمة وطنية تتداخل مع الأولى، أليست الجبهة هي التي عزّزت هذه القيم وغرستها في وجدان شعبنا؟!، وأكّدنا ان القبطان هو آخر من يقفز من السفينة وعليه واجب المواجهة، أمّا القول بأن "الشاباك" يترصّد ويلاحق ولا نستطيع مواجهته! فهذا موقف جبان يحمل رسالة انهزامية من "قائد" لأجيال وطنية صاعدة يجب ان تتربّى على الشجاعة والتحدّي والمواجهة، على العزّة والكرامة، لا ان تهرب من مواجهة عابرة او عاتية مع "الشاباك"! يجب ان نثقّفهم أن الكفّ يستطيع ملاطمة المخرز، ولاطمناه ولطمناه في أعتى الظروف، أيّام الحكم العسكري، هكذا صمدنا وهكذا بقينا في وطننا بعد النكبة، وكان هناك من ساهم باسم القومجية الجوفاء في الإجهاز على بقاء شعبنا، وقال لأهلنا: اخرجوا لأسبوعين- ثلاثة وبعدها نعيدكم. اسألوا اهلكم واسألوا شعبكم واسألوا اللاجئة المسنّة في مخيمات النيرب وعين الحلوة، واسألوا أطفال مخيّم البقعة، أما أهلنا في نهر البارد فلا أمل أن تنجحوا في سؤالهم حتى في أراضي لجوئهم.  هذه الثوابت الفلسطينية المؤسِّسسَة لم تغب يومًا عن بال فلسطينيّ، فكيف اليوم؟! والنضال أسهل والعالم مكشوف على بعضه، ونحن اليوم أكثر قوّة ووعيًا من تلك الأيّام!
 باختصار، نرفض هذه النفسيّة الانهزاميّة- ونحن نعرف ان هذا الموقف يزعج البعض، كما الصراحة دائمًا تزعج كل من يعرف الحقيقة بقرارة نفسه، ويعرف ان هذا هو الموقف الوطني، الأصيل والصلب. لهذا يصرّ التجمّع على عدم إجراء حوار عاقل ومسؤول في هذه المسألة بتشويش غير مقنع لأحد.


* * *

*من يُهيّئ لتحالف بين التجمع والإسلامية، لمَ يعتب على الجبهة؟!*

قبل أسبوعين اجتمع التجمّع والحركة الإسلامية الجنوبية، وقرّرا تعزيز التنسيق بينهما باتجاه تحالف في انتخابات الكنيست، وقرّرا محاربة التعصّب الطائفي والتعصّب العلماني (هكذا!) وكأنّ العلمانية "ضاربة اطنابها" في مجتمعنا وتنتظر من يلجمها؟! التجمّع يدرك أن لا مبشّرين جِديّين بالعلمانية في مجتمعنا؟  وأن لا ممارسة علمانية في حياتنا السياسية والاجتماعية بالمفهوم العلماني الصميمي، وأن المشكلة هي "قلّة العلمانيّة" وليس التعصّب العلماني! ولكن كل هذا غير مهم لدى التجمّع، فهذا أوان الانبطاح فانبطحي زيَم!!
التجمع لا يتساءل كيف له ان يبعث رسالة إلى لجنة المتابعة يتّهم فيها الحركة الإسلامية الجنوبية ورئيسها بالطائفية وانهم يحرضون ضد التجمع طائفيًا (الرسالة موجودة بحوزتنا) واليوم يتحالفون معها، فهل شُفيت الحركة الاسلامية الجنوبية من هذا الوباء في الاسابيع الأخيرة، برأي التجمّع؟!
وفي هذا السياق، نسأل رفاق التجمع، من باب العلم بالأمر ليس إلا، كيف كان شعورهم وهم يشاركون في الاجتماع في نهاية تلك المظاهرة "الوحدوية"، عندما تم توجيه النساء إلى جهة والرجال إلى جهة أخرى خوفاً من الاختلاط المريب، المريب؟ ونسأل رفيقات التجمع هل التزمن بتوجيهات المنظمين، وقبل ذلك، بالطبع، نسال رفاق التجمع، فالقضيّة قضيّة مجتمع وليست قضيّة النساء، حصرًا.
التجمّع أثبت أنه في كلّ مفصل جدّي يخيط المواقف المبدئية على مقاسه، وهكذا في كل انتخابات خاضها، فأذكر الانتخابات الأولى التي تملّق فيها الجبهة حتى يصل الكنيست في سنة 1996 حيث لم يسمع أحدٌ بإسم التجمّع من قبل، وكيف طعننا في الظهر أسبوعًا واحدًا بعد الانتخابات، أذكر مرارة الجبهويين من هكذا حلفاء. وفي انتخابات الـ99 كيف وصفوا النائب احمد الطيبي بنعوتات يندى لها الجبين، وعند الضرورة تحالفوا معه(أتذكرون؟!) عدا عن اتفاقية عزمي- بيلين المشينة وفي صُلبها نقل أصوات من حزب العمل إلى التجمّع مقابل تنازل بشارة عن الترشيح لرئاسة الحكومة (أتذكرون؟!) وفي انتخابات 2003 عندما خاف من شطب قائمته من قبل لجنة الانتخابات المركزية أكد أنّه يؤيّد ان تُعرّف دولة إسرائيل كدولة يهودية، خائنًا  شعاره الأكثر مركزيّة "دولة كل المواطنين"(أتذكرون؟) وبروتوكول هذه الجلسة الهامّة موجود في كل مواقع الانترنت. وفي انتخابات 2006 وبعد ان صرَعنا بشعارات "التيّارات الثلاثة" (الوطني اليساري (الجبهة)، القومي (التجمع)، الإسلامي (الحركة الإسلامية)) وأنه يرفض التحالف مع أفراد وإنما مع تيّارات فقط، وإذا به يتحالف مع "طيّارات" (أتذكرون؟!) فهل سنشهد تحالفًا بين التجمّع والحركة الإسلامية (وبقيادة الحركة الإسلامية) في انتخابات بلدية الناصرة القادمة؟ أم سيتحالف الحزبان في الكنيست القادمة ويتخاصمان في الناصرة في انتخابات البلدية القادمة؟ "ما هو مولد ساير داير"...


* * *

مرة اخرى، لا اعتراض لدينا، على الإطلاق، بان يقوم حزب سياسي او مجموعة احزاب بالتنسيق فيما بينها لتنظيم نشاط ما، لكن لا يستطيع هؤلاء ان يجعلوا من الهجوم على عدم مشاركة ممّن لم يُدعَ للشراكة والتنسيق وسيلة للَفت الانظار الى نشاطهم، او ان يقوموا باستباق ضعف نشاطهم او فشله بإلقاء اللوم على من تعمّدوا عدم التنسيق معهم وعدم دعوتهم للشراكة الحقيقية.
ما جرى من محاولة متعثّرة، هزيلة وهشّة قادها التجمّع بفشل محزن لاستثناء الجبهة ولاستثناء لجنة المتابعة التي يتشدّقون بضرورة تطويرها! أساء للوحدة الوطنيّة في الصميم، ودور التجمّع في هذه المهزلة دخيلٌ على ثقافتنا السياسية والوطنية، وما يمارسه هذا الحزب ضد الجبهة لا يُمكن ان يقبله أي إنسان وطني حقيقي، جبهوي أو غير جبهوي وبمن فيهم الغيورون على المصلحة الوطنية من التجمّع.
 يجب إعادة الاعتبار للسياسة وللعمل الوطني من هذا العبث، والكفّ عن الطعن في الظهر، وتعزيز التنسيق من اجل اكبر وحدة وطنيّة لمصلحة شعبنا، هذا هو الموقف الفطري والواعي معًا، والذي تريده الناس، والذي يمكث في الأرض أمّا الزبد فيذهب.. جفاء، جفاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق