الثلاثاء، 14 يونيو 2011

ملاحظات سريعة وغير ''انتلكتوالية'' حول إحياء ذكرى ''يوم القدس والأقصى


قيادات الجماهير العربيّة، ألف تحيّة!
ملاحظات سريعة وغير ''انتلكتوالية'' حول إحياء ذكرى ''يوم القدس والأقصى''



الخميس 6/10/2005


يروق للكثير من "الانتلكتواليم" أن ينتقدوا قيادة الجماهير العربيّة حتى وإن نسوا أن يوجّهوا أي ملاحظة صغيرة للسلطة، أو تناسوا دورهم النضالي الجماهيري العظيم كـ"انتلكتواليم"، بل ويعتقدون أن اتهام السلطة هو حديث تقليدي بل قُل غير "انتلكتوالي" بالشكل الكافي! وربّما يليق بمفكّري السبعينيّات وليس بهم!
عندما يتصدّر موضوع أكتوبر 2000 وضحاياه الثلاث عشرة عناوين الأخبار الإسرائيلية والعالميّة في شهر أيلول 2005 فهذا، يا سادتي "الانتلكتواليم"، ليس بفضل السلطة وإنّما رغمًا عنها، وليس بفضلكم أنتم طبعًا، فهذه قضايا يوميّة وليست رؤيويّة بعيدة المدى كما يليق بالاهتمام "الانتلكتوالي"! القضيّة ما زالت حيّة بفضل قيادة الجماهير العربيّة التي أصرّت على إقامة لجنة تحقيق رسميّة وأصرّت على تقديم القتلة إلى المحاكمة، وجنّدت القوى الدمقراطيّة اليهوديّة وأجبرت "المينستريم" (التيار المهيمن) أن يضغط على المؤسسة الحاكمة لكي يتراجع "ماحش" وهذا ما حدث. قيادة الجماهير العربيّة أبقت أحداث أكتوبر 2000 متداولة جماهيريًا أكثر من خمس سنوات، وستواصل لجنة المتابعة والقيادات العربيّة بمتابعة قضية قتلة الضحايا الثلاث عشرة وتبقيها متفاعلة حتى الكشف عن المجرمين المباشرين وغير المباشرين في نوافذهم العليا.
منذ أكتوبر 2000 والسلطة تواصل بشكلٍ مكثّف سياستها لخلق حالة اغتراب وعدم ثقة بين الجماهير العربيّة وقيادتها، و"لن نغرق الساعة في حفنة ماء".

*أخلاقيّة اتخاذ القرار والقدرة على تنفيذه*

قرار الإضراب يحتاج إلى جهد صغير لا يتجاوز رفع السبّابة في اجتماع "المتابعة" وتنفيذه يحتاج إلى جهد كبير منه التوجّه للعمّال والموظّفين وأصحاب المصالح والنقاش الحامي وحتى المشاجرات، وأذكر كيف كانت الشبيبة الشيوعيّة في الناصرة تقف على مخارج البلد لمنع بعض العمّال من الذهاب إلى عملهم! وإلى جانب هذا الموقف النضالي لا يمكن تجاهل الإحراج وعدم الارتياح عندما يخجل منك شخصٌ مضطر لألف سبب للذهاب إلى عمله وهو إنسان وطني في قرارة نفسه! وأنت تحرجه وربّما تزاود عليه، باختصار فالقرار سهل وتنفيذه صعب، ولن أجافي الحقيقة إذا قلت أن بين الجماهير العربيّة ليس أكثر من إطارين قادرين على تنفيذ قرار الإضراب هما الجبهة والحركة الإسلاميّة، الأولى في الناصرة بشكلٍ أساسي والثانية في أم الفحم أساسًا، ومن نافل القول ان مقياس نجاح الإضراب أضحى يُقاس بإغلاق المحلات التجارية بهاتين المدينتين..
 الذي يطالب بالإضراب ويهاجم معارضوه يجب أن يملك القوّة الأخلاقيّة بأن يكون قادرًا على تنفيذ قراراته وليس أن يقرّر هو، وعلى الآخرين التنفيذ!.
ملاحظة سريعة: ألا تلاحظون أنّ الذي يطالب بالتصعيد ويعتبر القيادة لا تعبّر عن غضب الشارع هو نفسه الذي يتذمّر من عدم المشاركة الجماهيريّة في الفعّاليات؟! وجزء يشتم الجمهور الكسول ثم يستطرد ويشتم القيادة لقراراتها التي ليست على مستوى الحدث!

*بلديّة الناصرة وطنيّة، ليس أمرًا مفروغًا منه!*

لقد تابعت بدقّة نشاط المجالس المحليّة والبلديّات العربيّة لإحياء يوم القدس والأقصى، وبهذا أجزم أن بلديّة الناصرة برئيسها رامز جرايسي كانت أكثر بلديّة نشاطًا وتفاعلا مع إحياء الذكرى، فرئيسها شارك بشكلٍ ملتزم جدًا بالإضراب عن الطعام وكذلك المشاركة في مسيرة الوفاء والمسيرة الخاصّة بالناصرة التي انتهت عند النصب التذكاري المميّز الذي أقامته البلديّة تكريمًا لشهداء الناصرة إياد لوابنة ووسام يزبك وعمر عكاوي وسائر الشهداء، وإقامة خيمة اعتصام والدعوة والمشاركة في تظاهرة ضد "ماحش" وأخرى تضامنًا مع قيادة الجماهير العربيّة المضربة عن الطعام، كما وأصدر المجلس البلدي الذي وقف دقيقة حداد إجلالا للشهداء نداءً لأهالي الناصرة من أجل المشاركة في مختلف الفعّاليّات ودعت فيه مدارس الناصرة لتخصيص حصّة تدريس حول المناسبة، كما وأصدرت البلديّة بيانًا يحلّل ويدين بشدّة قرارات "ماحش"..
ليس أمرًا مفروغًا منه أن تكون عاصمة الجماهير العربيّة بهذه المواقف الصلبة ورأس الحربة في النضال الوطني، كان من الممكن أن تكون مثل بلديّات شفاعمرو والطيرة أو كما كانت بلديّة الناصرة قبل الـ75.
بلديّة الناصرة صمدت 30 سنة بأصعب الظروف من مقاطعة سلطويّة إلى تحريض طائفي مدمّر وغيرهما، وهذا الصمود هو مأثرة بحدّ ذاته.
لبلديّة الناصرة ورئيسها رامز جرايسي كل التقدير من كل شرفاء شعبنا أصحاب النظرة الثاقبة والحقيقيّة، و"همّ أصحاب القضيّة" (حتى وإن لم تكن "انتلكتوالية" بالشكل الكافي). 

*الأعلام في المظاهرات*

هل رفع الأعلام المختلفة الحمراء والخضراء والبرتقالية في مسيرة واحدة مناقض للوحدة الوطنيّة! ومن هو المخوّل بإنزال الأعلام الحمراء وإبقاء شعار يهاجم لجنة المتابعة؟! مثلا!
الأعلام المختلفة التي تصبّ في مسيرة وحدويّة تحمل دلالات شعبٍ موحّد وفي الوقت ذاته يحمل منطلقات فكرية أيدلوجيّة مختلفة، وهذه إحدى الشهادات الحيّة لشعبٍ حي يفكّر ويختلف ويجتمع في قضايا أساسيّة، من الأهميّة بمكان أن نرى الأحزاب والأطر المختلفة بتمايزاتها، وأن نراها مجتمعة في القضايا الرئيسيّة.
إن المطلب بإنزال أعلام الأحزاب هو مطلب غير دمقراطي، وإذا أمعنتُ في الصراحة أقول إنّه مطلب من لا يستطيع أن يجمع بالمظاهرة عددًا كبيرًا فيتذرّع بشعارات الوحدة المتجمّدة.
هؤلاء ذات المجموعة المذكورة آنفًا والتي تشتم مبالاة الناس.

*صمت الجرحى أعمق من جرحهم*

الأمسية التكريميّة لجرحى يوم القدس والأقصى التي أحيتها الجبهة الدمقراطيّة في الناصرة كانت مؤثّرة جدًا، وربّما أن أهم ما فيها أنّ هناك من التفت إلى الجرحى دون أن يحتجّوا هم بأنفسهم أو يعاتِبوا أحدًا عتابًا صغيرًا، لقد تحمّلوا آلامهم العظيمة بصمت أعظم وأعمق، و"لحظة الصمت أعظم إن صدقت".
الأمسية لن تكون بيضة الديك، ومن الآن وصاعدًا، وبعد أن جمعت الجبهة أسماءهم وأعدّت القائمة الأشمل للجرحى، الشاهد الحي على الجريمة، سنعزّز العلاقة معنويًا وموقفاً بالأساس:

لا خيل عندك تهديها ولا مال      فليسعد النطق إن لم تسعد الحال

*بدّيش شهيد، بدّي وسام!*

لا استطيع أن لا أتأثّر وأن يتهدّج جسمي وأنا أكتب عن ذلك اليوم، قبل خمس سنوات.
 كنّا ننتظر نتيجة العمليّة التي أجريت في مستشفى رمبام للشهيد وسام يزبك، وحين خرج أحد الأطباء، أكتفت أم وسام برؤية حاجبيه المرفوعيْن لتطلق صرخة أم فقدت إبنها. وفي الحال ركض إليها أحد الشبّان وقال لها: لا تحزني ابنك شهيد، فردّت عليه بأعظم الصرخات: "بديش شهيد، بدّي وسام"..
لقد كانت صرختك يا أم وسام أصدق الصرخات، جمعت كلّ الحزن وكلّ الصدق وكل الحقيقة، لا نريد شهداء نريد شبابنا أحياء يحبّون الحياة الحرّة الكريمة، وبهذه القيم ولأجلها نحيي "يوم القدس والأقصى".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق