الثلاثاء، 14 يونيو 2011

العمالة وجهة نظر! دورٌ مثيرٌ لبطل فيلم النذل



الخميس 10/11/2005


من الروايات المتواترة في حيّنا قصّةُ فتى أراد أن يسرق دجاجة من قنّ أحد سكّان الحي، وبينما هو يحاول أن يلتقط أحداها، أخذت الدجاجات تتصايح، فسمعها صاحب البيت المستيقظ لقضاء صلاة الفجر، وهمّ لمعرفة سبب الصياح وخفق الأجنحة، فوجد الفتى ما زال في قلب القنّ قابضًا على دجاجة مدقوقة العنق، فسأله بحدّة: ماذا تفعل هنا؟! فأجاب الفتى متلعثمًا: أنا أنا أنا..أنا! فقال له الرجل الغاضب: "شو بدّك تقولّي أنّك إنتِ مش إنتِ!!"
إنّ وضع شمعون بيرس القيّم على تهويد الجليل أشبه بوضع الفتى المتلبّس، ونحن الذين نعرفه متلبّسًا مواظبًا نقول له: كيف تريد أن تبرّر مخطّط التهويد، أن تقول لنا إنّك إنت مش إنت!!

* أدلّة قاطعة

فوجئتُ، قبل عدّة أيّام، أن المديرة العامّة لمكتب بيرس، السيّدة أفرات دوفدوفاني، قامت باستدعاء طاقم جمعية سيكوي لتشرح لهم أنّ المخطّط ليس تهويديًّا، وذلك على خلفيّة نشر مقالي حول تهويد الجليل في صحيفة "حديث الناس" وموقع الجبهة على الإنترنت! ولـمَ التفاجؤ وقحطانيّو حزب العمل هم من أحفاد الصعاليك العدّائين الذين كانوا يسابقون الخيل؟!...
وفي معرض نقاشنا مع السيّدة دوفدوفاني، قدّمنا لها أدلّتنا القاطعة على أنّ المشروع تطويريّ لليهود وتهويديّ للعرب، وهاكم ادّعاءاتنا:  
1. المخطّط يؤكّد منح هبات لـِ 104 مجمّعات سكّانيّة يهوديّة في الجليل، ولا ذِكر لأيّ مجمّع سكّانيّ عربيّ!! ( انظر: www.romgalil.org.il)  (للأمانة أقول أن بيرس يعمل على إدخال أربعة مجمّعات عربيّة صغيرة موجودة ضمن مجالس إقليميّة !!)
2. يُشارك الحكومةَ في تنفيذ المخطط الإطاران الصهيونيّان: الوكالة اليهوديّة ومديريّة أراضي إسرائيل، وقد جاء في بيان الوكالة اليهوديّة أنّ "مخطّط تهويد الجليل يشمل تقوية الاستيطان اليهوديّ في الجليل" (انظرwww.or1.org.il/hasochnut_tashkia_milyonim.doc). وبالإضافة إلى هاتين المؤسّستين، تبرّع العديد من يهود أمريكا للمخطّط (وهؤلاء لهم شروطهم؛ وفي صُلبها تهويد الجليل).
3. لم يجد القيّمون على المشروع أيّة أهمّيّة في إشراك عرب ضمن التخطيط، أو مشاركين عرب حتّى في مراحل متقدّمة أو شكليّة كمؤتمر الجليل 2005، المنعقد في كرميئيل في السادس عشر من حزيران عام 2005، والذي عالج خطّة "تطوير الجليل" واعتبرها هدفًا قوميًّا.
4. نشر القيّمون على المخطّط الإعلانات في اللغة العبريّة فقط، واقتصر الأمر على وسائل إعلام عبريّة.
5. التخطيط يدعو السكّان إلى الانتقال من المركز إلى الجليل، ومن الواضح أن كثافة السكّان اليهود في المركز هي الأعلى وفي الجليل هي الأقلّ (على عكس العرب في الحالتين). فمن الواضح أن "المشكلة الديمغرافيّة" هي مشكلة نسبة العرب العالية، كما أن الحديث عن الجليل كضاحية (???????) هو تعامُلُ مَن يسكن في المركز، بينما نحن العرب نعتبر الجليل مركزنا، لا "ضاحيةً أو كنفًا".
6. بموجب قانون "إخلاء إسكان" الذي أقرّته الكنيست في 16.2.2005، تخصّص الحكومة مبلغ 90,000 شاقل للمستوطنين الذين يقرّرون السكن في الجليل، إضافةً إلى الهبات الأخرى.
7. من المؤكّد أن شروط القبول لا يمكن أن تشمل شروطًا عنصريّة (وبخاصّة بعد قرار الحكم قعدان)، ولا التفافيّة مألوفة كاشتراط الخدمة العسكريّة مثلاً (بعد عدّة قرارات حكم، منها قرار محكمة العمل اللوائيّة – تل – أبيب – يافا، ف 99\001038، دولة اسرائيل – وزارة العمل والرفاه ضد تفكيد بوس وآخرين)، ولذا فقد وضعت آليّات لتصفية العربيّ المتقدّم بطلب. فعلى سبيل المثال، زرت قبل عدّة أيّام منطرة "مخمنيم" بهدف الاطّلاع عن كثب على المخطّط، وعندما لاحظت مسؤولة الاستيعاب في المنطرة لهجتي العربيّة سألتني عن اسمي حتّى تأكّدت من كوني عربيًّا، وقالت لي بلهجة استباقيّة: عليك أن تعلم أنّ هنالك لجنة وامتحانًا، وعليك أن تتخطّى حاجز "الملاءمة الاجتماعيّة"، وبعد ذلك عليك الالتقاء بأربع عائلات من المنطرة نختارها نحن، وهم يقدّمون توصية بشأنك، وإذا اعتبروك غير ملائم اجتماعيًّا فستُعتبر التوصية ملزمة". والسؤال هنا: ما هي هذه "الملاءمة الاجتماعيّة" بين اليهود والعرب ضمن المخطّط المتواصل "تهويد الجليل"؟!.
8. هل يمكننا أن لا نرى بإقامة جامعة في الناصرة عفوًا في كرميئيل، ومدّ سكّة حديد من عكّا إلى البطّوف عفوًا إلى كرميئيل إلا جزءًا من مخطّط الإسكان التهويدي؟!

* بقدرة قادر!

بعد اللقاء وصلنا هاتف متهافت متلهّف يبلغنا أنّ إدعاءنا بخصوص صفحة الإنترنت حول "تقوية الاستيطان اليهوديّ في الجليل" عارٍ عن الصحة، فلا وجود لهذه الصفحة! (البند الثاني من إدعاءاتنا) استغربنا الأمر؛ إذ نحن متأكّدون من وجودها، وقد رأيناها بأمّ أعيننا. ومع ذلك، أكّدنا له أنّنا سنبحث الأمر ونعود إليه!
 وعندما بحثت مديرة مكتبنا عن الموقع، وجدت أن الصفحة محذوفة! إذن فقد احتاطوا، بعد فضح أمرهم، وأزالوها! ومع ذلك وبعد بحثٍ قصيرٍ، رجعت موظّفة الجمعيّة إليه مستخدمةً جملة خروتشوف وثقته في قضيّة طائرة التجسّس والطيّار الأمريكيّ الحيّ: "لديّ معلومة إضافيّة!" الصفحة بيدي فلقد أنزلتها في حينه من الإنترنت، هاتِ ناسوخك لأبعثها.
قضيّتنا أعدل من صفحة مفقودة "بقدرة قادر". ولأنّنا الشعب الوحيد الذي يؤمن بأن الثرى أغلى من الثريّا، فلتكن هذه المعركة التي نبذل فيها الغالي والنفيس لنحافظ على ثرانا -وشتّان ما بين ثرانا والثريّا.

* العمالة وجهة نظر!

تتّفق "وجهات نظر" عملاء حزب العمل أنّ الأحزاب العربيّة (يستنكرون على الجبهة تركيبتها الأمميّة، فلوْ كان عرب الجبهة وطنيّين لما تحالفوا مع يهود؟!) أثبتت فشلها، وتختلف في المرشّح المفضّل أهو بن إليعزر – الأفضل للعرب كما هو مكتوب بشكلٍ غير مشرّف في مشارف القرى العربيّة أم بيرتس أبو العمّال أم بيرس الحمامة! ثمّ يعودون ويتّفقون أنّ حزب العمل هو حزب سيّئ، وأجرم تاريخيًّا بحقّ شعبنا، وما زال شريكًا في حكومة شارون، ولكنّه حزبٌ قادرٌ على الوصول إلى السلطة، ومن ثَمّ فهو قادرٌ على العطاء، وبهذا يستطيعون أن يخدموا شعبهم من خلال هذا الحزب! هذا ما سمعته من مجموعة عربيّة تذدنب لحزب العمل في بداية هذا الأسبوع. رحم الله شهيد الموقف والكلمة كمال ناصر؛ وهو القائل أنّ لدى بعض الناس "العمالة وجهة نظر"! (قبل أن يقتله القيادي البارز في حزب.. العمل!)
 وأخذت أستمع إلى وريثي عقليّة الحمولتين اللتين تصارعتا بشدّة في مطلع الخمسينيّات، فجاءهما رئيس الدائرة العربيّة في المباي أمنون لين واقترح عليهما أن تضع إحدى الحمائل في صندوق الاقتراع ورقة "مباي" بالأحرف العبريّة، والأخرى "مباي" بالعربيّة! والعائلة التي تفوز تكون هي الأقوى والأقدر على فرض رأيها في القرية. وهذا ما حدث، ويا فرحة قرانا بالتصويتين، "بالتسويطين"!
أرجو من أصحاب "النوايا الحسنة" أن يساعدوا شعبنا بوسائل شريفة، لا أن يؤدّوا دور البطل في مسلسل طال جدًّا، اسمه "النذل". فوِفْق تجارب كلّ الشعوب، القضايا العادلة بحاجة إلى وسائل عادلة، وذلك كي لا يتصدّقوا بِزِناهم ويطبّق عليهم قول الشاعر:

كمُطعِمة الأيتام من كدّ فَرْجها         لكِ الويل، لا تزني ولا تتصدّقي
-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق