الثلاثاء، 14 يونيو 2011

بِعْنا لأجلِ الحياةِ الحياةَ


الخميس 9/3/2006

"قبل تأسيس الحركة الوطنية!" بعشرات السنين، وفي سنة 1958، وقف أحدُ أبناء الناصرة في المجلس البلدي وقال: "إن الجماهير العربية تذكر في هذه المناسبة المآسي الدموية التي أحاقت بالشعب العربي الفلسطيني سنة 1948"، ثم أضاف "إن سَوق هذه الجماهير العربية للاحتفال والابتهاج ليس إلا سوقها إلى الرياء والكذب، فكيف تستطيع تجريد نفسها من الواقع المر والرقص على قبور ضحاياها وأنقاض حقوقها المهضومة" وأضاف "إن المواطنين العرب في إسرائيل يعانون، فوق هضم حقوقهم القومية، هضم حقوقهم المدنية".
أنا لم أعرف ابن الناصرة فقد ولدتُ بعد وفاته بسبع سنين، ولكنّي سمعت الكثير وقرأت الكثير عن فؤاد خوري أو فؤاد الجابر كما ناداه أهله في الناصرة، والذي حلّت ذكرى وفاته هذا الأسبوع (السادس من آذار 1968).
أكتب عن أبي جابر ليس لأني ماضويًا أو تاريخانيًا، وليس لأردّ التهمة المعيبة "بداية تاريخ الحركات الوطنية"، وليس وفاءً لأبي جابر وحسب، وإنّما لأحث الرفاق الشباب، رفاقي ورفيقاتي أنّنا نحمل أمانة غالية، أمانة أبي جابر ورفاقه، تاريخا طويلا وعريضا: تاريخ توزيع الجريدة وتاريخ يوم الأرض، مواقف مشرّفة منذ "ضرورة الاعتراف والتعامل مع العرب كمجموعة قوميّة واحدة" (1949) إلى وثيقة 6 حزيران 1980: "لا يمكننا أن ننكر، حتى لو جوبهنا بالموت نفسه، أصلنا العريق، نحن جزءٌ حي وواعٍ وفعّال من الشعب العربي الفلسطيني" مواقف مكلفة لأصحابها حتى بلقمة عيشهم، دفعوها في أقسى الظروف ليس كالوطنيين بعد التقاعد (بعد جيل الـ67) وليس بعد "التقاعد الجماعي" (بعد انهاء الحكم العسكري 1967) ولكنّا، في الحزب والجبهة، امتدادٌ رهاميّ متواصل للوطنيين الذين دفعوا أغلى الأثمان، لذا فمهمتنا يا رفاقي ورفيقاتي الشباب هي الحفاظ على الأمانة، وهي ليست مهمّة سهلة في هذه الانتخابات ولكنّا قادرون، فمن بيتِ إلى بيتٍ ومن صديقٍ إلى صديق، ومن ابن حي إلى آخر ومن جهد عظيم إلى إضافي نحرز أكبر انتصار.
* * *
"لقد كانت حياتك غنية حتى ليعجب المرء كيف اتسع لصاحبها هذا الضريح"، هكذا أبّن أبو الأمين رفيقَه أبا جابر قبل 38 عامًا بالتمام والكمال، وهكذا يُقال عن المناضلين العظام، ولكنّ نضال أبي جابر ورفاقه، بهمّة شباب الهمّة، سنضع فكر أعدائه في الضريح الأبدي.
عصام عباسي صاحَ في التأبين: "بِعنا لأجل الحياةِ الحياةَ" ومشروعنا، يا رفاقي، مشروع حياة، فمدّوا أيديكم، كلّكم، لصيانة مشروع حياة الجماهير العربيّة:
"كيف سيضحك هذا الزمان  إذا لم يدغدغ بكلّ يد"
* * *
 شعبنا يُستفز من حكايات "الحركات الوطنيّة" وطمس تاريخ أبي جابر ورفاقه، وعندما قال لي، أعزّ الرفاق توفيق طوبي بأنّ الرعيل الأوّل أهدانا كنزًا، صمتّ لأنّ جواب الشباب لأبي إلياس لن يكون شكرًا لفظيًا وإنّما بجزيل الواوات في 28 آذار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق