الاثنين، 20 يونيو 2011

الـجـبـهـة في الانتخابات الحالية للسلطات المحلية




الثلاثاء 7/10/2008

عشرة مشاهد انتخابية سريعة

 عدد المرشّحين لرئاسة أكبر ثلاث مدن في إسرائيل: تل أبيب،القدس وحيفا مجتمعين معًا أقل من عدد المرشّحين في قرية كابول لوحدها (11 مرشحًا).

 في انتخابات السلطات المحلية تكون أقل نسبة تصويت في بلدة عربيّة تفوق أعلى نسبة تصويت في بلدة يهودية، وفي الكنيست، العكس تمامًا، فأعلى نسبة تصويت في قرية/ مدينة عربية تبقى أقل من أقل نسبة تصويت في بلدة يهودية.

 وفقط في بلادنا قد تصوّت بلدة بـ67% منها للأحزاب الوطنية في الكنيست كشفاعمرو مثلا، ويحصل عملاء السلطة والمخابرات على نسبة أعلى من الـ67% في الانتخابات المحلية في البلدة نفسها.

 وفقط في بلادنا لا علاقة بين جودة الإدارة أو سوئها في احتمال حصول الرئيس على دورة مجدّدة، وقد يكون العكس تمامًا، فسوء الإدارة وتوظيف عمال ومساعدات غير قانونية في تخفيضات الضرائب وتصليحات غير قانونية للشارع المؤدّي إلى عائلة فلان وغضّ الطرف عن شُرفة غير مرخّصة، كلّها عوامل حاسمة للفوز في الانتخابات.

 وفقط في بلادنا يستطيع الشخص المسكين، الذي أُهين خمس سنوات، لأسباب اجتماعية أو اقتصادية، أن يفرح شهرين، فالكلّ يجامله ويعظّم من مكانته لأنه "يمون" على حفنة أصوات بيته المتواضع.

 وفقط في بلادنا قد يخرج الكادر الحزبي من حزبه ويترشّح على رأس عائلته، أما الأكاديميّ فيحقّ له، ليس العمل على التغيير، وإنّما الترشّح في العائلة، فهو أقدر من المختار! ومن خلال "برايمرز داخل العائلة"، حداثة مشوّهة داخل أصالة مشوّهة، فيُساء للحداثة والأصالة معًا، وينتج مخلوقًٌ أكاديميٌ عائليٌ مشوه.

 وحين لا توجد عائلات كبيرة في البلدة، تتحوّل البلدة إلى حلف عائلات صغيرة ضدّ حلف عائلات صغيرة أخرى، وتفقد القريّة ريفيّتها.

 وقد تجد شابًا من عائلة يتعصّب لحزبٍ وطنيٍ بشكلٍ وراثيّ فـ"عائلته" مع هذا الحزب، ولكن يبقى الأسوأ أن تجد شابًا إبنًا لعائلة أخرى يكره حزبًا وطنيًا بشكلٍ وراثيّ، دون ان يعرف كلاهما عن هذا الحزب إلا لماما.

 أمّا في البلاد التي سكنها مهجّرون نتيجة لنكبة شعبنا كلّه، فيُعاملون كـ"لاجئين!" وليس كأبناء بلد، وإذا كانت عائلة المهجّرين أصغر من عائلة المهجّرين الأخرى، فالعائلة الثانية تلاحقها حتى في لجوئهما، ولأن المهجّرين نقلوا كل موروثهم الاجتماعي إلى القرية المجاورة فلم يبقَ لهم شيئًا في مكانه الأصلي من بيتٍ وأرض وغيرهما سوى ذاكرة جماعية محليّة لم تنسَ عداءها التاريخي للعائلة الأخرى.

 بعد أن تضع المعركة الانتخابية أوزارها سنكتشف مجدّدَا أنه بعد هذه النقاشات والقبَضات والقبْضات فإنّ الاهتمام بالمجالس المحليّة لا يتجاوز الاهتمام بنصف بالمئة (0.5%) من ميزانيّة الدولة على حساب اهتمامنا بسائر قضايانا، فربّما نعي، بعد انجلاء غبار المعركة الانتخابية، ما صنعت أيدينا في لجّة الانتخابات:

سوف ترى إذا انجلى الغبار  أفرسٌ تحتك أم... حمارُ

* * *


السلطة تخطّط!

في كتاب توم سيغف "الإسرائيليون الأوائل" وكتاب إيان لوستيك "العرب في الدولة اليهودية" جاء أن "الشاباك" دعم، بشكل دائم، إقامة سلطات محلية عربية بهدف شرذمة الانتماء العربي، وتعزيز الولاءات الداخلية بدلا من الانتماء الوطني الجامع، وقد ذكر توم سيغف أن الهدف الأساسي هو تسعير التناحرات العائلية والطائفية، وذكر "لوستيك" أن أحد الأهداف الهامّة هو الضبط والسيطرة من خلال مجالس محلية عربيّة الإدارة ولكنّها في الواقع جزء من أقسام وزارة الداخلية، حيث تملك الوزارة صلاحيات واسعة في إدارة هذه المجالس أو حلّها، وفي كتاب "ما قبل العاصفة" لـ"أمنون لين" رئيس الدائرة العربية في حزب "مباي" (العمل) يكتب أنّ "مباي" فكّر في إقامة سلطات محلية عربية بهدف تخفيف غضب السكّان العرب المركَّز ضد السلطة المركزيّة وتوزيعه بين السلطة المركزية والسلطة المحليّة.

ونلاحظ أن السلطة نجحت إلى حدّ كبير في تحقيق أهدافها، فالمعركة الانتخابية والمقالات الصحفية وخطابات المرشّحين تصبّ حميمَ غضبها على المرشّحين المتنافسين وعلى الإدارة السابقة المفسودة للسلطة المحلية، بينما يكاد ينعدم الهجوم على المؤسسة المركزية (لمتابعة اهتمام المجالس المحلية بالقضايا السياسية والقطرية، إقرأ/ي: "الحكم المحلي في إسرائيل" للحاج ورزنفلت، حيث يظهر أن السلطات المحلية الجبهوية هي أكثر السلطات اهتمامًا بالسياسة وبربط المحلّي بالقطري).
ويُختزل غضب الكثيرين على السلطة المحلية، لا المركزية، باعتبارها هي التي تجبي ضرائب محلية عدّة ولا تقدّم الخدمات الكافية، وفي بعض البلديات هناك أقسام للتخطيط والبناء تعاني، هي بدورها، الأمرّين نتيجة للبنية القديمة للمدينة، ويعاني منها السكّان.

وللمفارقة، فحيث حَلّت وزارةُ الداخلية المجالسَ المحليّة والبلدية في السنتين الأخيرتين نشهد نشاطًا وطنيًا بارزًا للجان الشعبية وتتميّز بالوحدة الكفاحية، هكذا هو الأمر في الطيبة وكفر كنا وباقة الغربية وجت وغيرها.
ولكن هل هذا يعني أنّه لم يكن نضالا لإقامة سلطات محليّة عربيّة؟ أو أنه من الأفضل عدم وجود سلطات؟! أو أنه من الأفضل أن تبقى اللجان المعيّنة! فهذا توجّه عبثي كالحديث ضدّ الديمقراطية "لأنها تفرّق وغير ملائمة لشعبنا" و "شعبنا بحاجة لدكتاتور لأنه غير جاهز للديمقراطيّة" وغيرها من الترّهات، فالمشكلة ليست في السلطات المحليّة أو الديمقراطية وإنّما بالبُنى التقليديّة والوعي الفئوي الأناني، الذي إن لم يفرّقنا ويشوّه انتماءاتنا ومعاركنا الأساسيّة من خلال السلطات المحليّة فسيُفضي إلى ذلك أي بديل آخر إن لم نحمل وعيًا ومناعةً وطنيّة، فالمعركة الأساسيّة هي توحيد شعبنا كفاحيًا وتأكيد الطابع السياسي للسلطات المحليّة وجعلها رافعة لنضال الجماهير العربية.

هل نخسر القرية ولا نربح المدينة؟!
هل نخسر العائلة ولا نربح الانتماء الوطني الجامع؟!

لم تحمل ادبيّاتنا التاريخيّة عداءً بارزًا للعائلية، مثل الطائفيّة، فالطائفية تمتدّ على كافّة أرجاء الوطن وتشكّل بديلا للطرح الأممي والقومي والوطني الجامع، بينما العائلة، خاصّة بعد ضعف الحمولة، انحسرت في قرية لا تتجاوزها، وفي بلادنا، رغم الموقف الحاد من الطائفيّة، نجح الحزب الشيوعي والجبهة في ايجاد توازنات دقيقة تحمل احترامًا حقيقيًا لمؤسسات بُنيت على أساس الانتماء الديني/ الطائفي ولكن في سياقٍ وطني كـ"لجنة المبادرة الدرزية" أو "المجالس الملية الأرثوذكسية" أو "لجنة المبادرة الإسلامية"، وقد وَجّها السهام ضدّ التعصّب الطائفي، واستطاعا أن يريا بالهويات الجزئية من طائفية وعائلية جزءًا من هويّات دفاعيّة إزاء دولة تُقصي وتعادي المواطنين العرب، شرط أن لا تساهم هذه الهويّات الجزئيّة بالتفرقة وأن لا تشكّل بديلا للانتماء الوطني الجامع.

 
إنّ الأزمة الأكبر في انتخابات السلطات المحلية على المستوى المجتمعي والنسيج الاجتماعي هي العائلية، فنصف شعبنا من المثلث والنقب لا يعاني من الطائفية في الانتخابات المحلية ولا يستخدمها لأنّه لا تعدّد أديان أو طوائف فيها، وأكثر من نصف شعبنا الكائن في الجليل يعيش في بلاد كلّها من دين/ طائفة واحدة كطمرة ودبورية ومعليا وفسّوطة ويركا وبيت جنّ وغيرها الكثير، أو في قرى/مدن لا توتّر طائفي فيها لعدّة أسباب منها النسبة المئوية المنخفضة جدًا لإحدى الطوائف فلا يمكن التلويح بأنّها "تهدّد الطائفة الأخرى ومصالحها!" ومع ذلك فالبعد الطائفي هو الأخطر على المستوى القطري نتيجة لامتداده القطري وقد اتخذ منحًى خطيرًا في السنوات الأخيرة نتيجة لأزمة الناصرة ونظرًا لمكانتها الوطنية والتاريخية والديمغرافيّة وسيكتب التاريخ عن بسالة الجبهة في التصدّي للخطاب الطائفي الخطير ولأعتى مؤامرة سلطوية ضدّ الجماهير العربية، أمّا في سائر الأماكن  فالعائلية هي التي تنخر في الغالبية الساحقة من القرى والمدن العربية في مرحلة الانتخابات المحليّة خاصةً.

والتعصّب العائلي الانتخابي لا يخلق عدوًا وهميًا من أبناء العائلة الأخرى وهم ابناء بلد واحد وضحيّة واحدة للتمييز، بل يحوّل الانتماء العائلي الحميمي ّالمحبّ والمتكافل اجتماعيًا إلى علاقة عصبوية مبنية على المصالح الجافّة والمحسوبة، ولا يخلق عداوة بين إبناء عائلات البلد الواحد وحسب وإنما داخل بطون العائلة الواحدة وقد أجّجها "البرايمرز" فيخرج الخاسر للمنافسة على مستوى القرية بعد هزيمته في البرايمرز العائلي.

ومن مساوئ العائليّة أنها تعيق الامتداد السياسي والاجتماعي للحزب، وكذلك تربّي على الفهلوة وتقّلل من أهميّة الكفاءة والشخص المناسب في المكان المناسب، بل تعيدنا إلى المفهوم الـ" ما قبل إسلامي" حول "أنصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" بمفهومه الجاهلي على لسان أحد أبناء قبيلة غزية:

"وما أنا إلا من غزية إن غزت       غزوت وإن ترشد غزية أُرشد"

ما زلنا نستعمل مصطلح "الحمولة" وهو مصطلح تآكل على أرض الواقع وتعاظم في الخيال الإسرائيلي الاستشراقي وبمن يردّده، دون تفكير، من باحثين عرب، فالحمولة قد تفكّكت بشكلٍ شبه نهائي، وتأثيرها غير ملموس إلا في النقب وحالات قليلة جدًا في الجليل والمثلث وهي بدورها ضعفت عمّا كانت عليه في السابق، وذلك بالأساس نتيجة لامتدادها الجغرافي الكبير على عدّة قرى متابعدة ومتناثرة، والفوارق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين أفرادها، ولم يعد يعني "الإنتماء" لهذه الحمولة لجيل اليوم شيئًا خاصّة أن أسماء العائلات اختلفت وأسم العديد من الحمائل اختفى من المداولات اليوميّة، وأصبح الحديث عن غالبية الحمائل بالنسبة للجيل الشاب أشبه بالقصص التراثية، وإذا سألت شابًا عربيًا عن أسماء الحمائل في  مرحلة الانتداب وما تبقّى منها حتى الستينيات، فيكاد لم يسمع عنها شيئًا، والواقع أنه لا يمكن جعل الحمولة معلمًا بارزًا في تحليل الانتخابات، كما يحلو للأكاديميا الإسرائيلية أن تصوّر نمطيّات التفكير العربي.

أكثر من مؤشّر بات واضحًا للحدّ من التعصّب العائلي، أيضًا، خاصّة منذ السبعينيات وصاعدًا، فمصادرة الأراضي العربية، وبرتلة قطاعات واسعة بتحوّلها إلى العمل في البناء والخدمات خارج القرية وضرب التبعيّة الاقتصادية وتاليًا المصلحية داخل العائلة الواحدة التي كانت تفلح في أرض واحدة، فلم تعد "عائلة أغنياء" وأخرى "عائلة فقراء" ففي هذه العائلة أغنياء وفقراء وفي تلك العائلة اغنياء وفقراء، وكذلك نشوء بدايات طبقة وسطى وازدياد نسب التعلّم الجامعي والمتعلمين من عائلات مختلفة وتاليًا اختلافات في الثقافة والوعي ونوع المهنة والميول بين أفراد عائلة واحدة واتفاقهم مع أفراد عائلة أخرى، وكذلك العلاقات العائلية والزواج والنسب أصبح أكثر انفتاحًا، والسكنى والجيرة المتنوّعة والمختلطة اكثر من السابق نتيجة لمصادرة الأراضي وتضييق الخرائط الهيكلية.

ولا يمكن التغافل أبدًا عن علوّ الشأن الوطني الوحدوي والجامع الذي قاده الحزب والجبهة في السبعينيات، خاصّة بعد انتهاء الحكم العسكري والتوسيع المحدود لهامش الحريّات بعد الـ67، كذلك الاختلاط مع فلسطينيّي الضفّة والقطاع وبزوغ نجم منظّمة التحرير حتى يوم الأرض الذي شكّل علامة فارقة في السبعينيّات نحو الميل للجبهة التي تأسّست كإطار تحالفي وتحقيقها قفزة كبيرة في انتخابات السلطات المحليّة، رئاسةً وعضويّةً، وفي الكنيست.

ولم يحافظ على تماسك العائلة، إيجابيًا، سوى المشاركة الفعّالة في الأفراح والأتراح ومشاعر متفاوتة بحكم صلة الرحم، ولم "يحافظ" عليها، سلبيًا، سوى انتخابات السلطات المحلية.


ومع القرى التي بدأت تخسر ريفيّتها وسجيّتها لم نربح المدينة، فبقيت النزعة الجماعية المحلية هي المسيطرة فهذا ابن فلان ومن عائلة علان ومن تلك الطائفة وعليه أن يحمل إرث العائلي الاجتماعي والعلاقات التاريخية المتوتّرة بين عائلته وباقي العائلات طيلة حياته، ولا يجري التعامل مع الإنسان الفرد بحدّ ذاته كإنسان، والمؤسسات الثقافية والاجتماعية لم تنشأ في هذه القرى، فأصبح القرية العربيّة قرية باطون لا ترى ريفًا فيها  وأشبه بمخيّمات لاجئين يؤمّها، مساءً، المتعبون من عمل النهار في المدينة.

في انتخابات السلطات المحليّة قد يصوّت 101% إذا لم يسلّم أهل المتوفّي حديثًا بطاقةَ هويّته فيمكن التصويت عنه، فهي المشغّل الأكبر في كلّ بلد عربي، فلا يوجد لدينا مؤّسسات رسمية مدعومة حكوميّة ولا أهليّة بهذا الحجم، وفي ظروف الجماهير العربية حيث أن أوّل 30 بلد منكوب بالبطالة هي بلاد عربيّة، بدون أي استثناء تقريبًا، وحيث أن 66% من الأطفال الفقراء في إسرائيل هم أطفال عرب، فكيف لا يزاحم كلّ الناس على التصويت؟!

"الشخصيّة الاجتماعية" في بلادنا لا تستطيع ممارسة "شخصيّتها الاجتماعيّة" إلا من خلال رئاسة السلطة المحليّة أو القائم بأعمال في أسوأ الأحوال، فالعربيّ لن يصبح مدير مكتب وزاري أو مدير شركة الكهرباء..

ولكنّ ما يزيد من نسبة التصويت ليس المرشّحين لوحدهم للسببيْن المذكورين أعلاه بل أبناء العائلة الذين يبتغون الحصول على الخدمات بشكلٍ أسرع والتفافي (حقوق!) وتوظيف متعلّمي العائلة وتشغيل عمّالها (امتيازات!) ولكن ما لا يقلّ أبدًا عن هذا وذاك هو مكانة العائلة والوجاهة الجماعية إن صحّ التعبير.

* * *


الجبهة والعائلية

قبل أسبوع كتب الصحفي عبد الحكيم مفيد التابع للحركة الإسلامية الشمالية مقالة بعنوان "حمولة حزب" هاجم فيه الجبهة بأنها تتحالف مع العائلة الأكبر في كلّ بلد وتعزّز العائلية. المقال كان حاقدًا كغيره من المقالات التي خصّها هذا الشهر للهجوم على الجبهة بأسلوب لا يجعلني إلا أشفق على كاتبه وأرثي على حاله، وبدلا من كتابة آلاف الكلمات دفاعًا عن موقف الجبهة ضدّ العائلية وانتدابها لمرشّحي رئاسة من أصغر عائلات البلد، أخذتُ أحسب عدد المصوّتين من عائلات مرشحّينا لرئاسة السلطات المحليّة ووجدت الصورة التالية التي لو كنت مكان الصحفي مفيد لقدّمت اعتذارا أخلاقيًا في أوّل مناسبة، وهاكم الجدول التالي:

البلد
اسم عائلة المرشّح للرئاسة
عدد أصوات عائلة المرشّح للرئاسة
عدد أصوات أهل البلد
النسبة المئوية
الرامة
غطّاس (فاتن)
22
5556
0.4
كفر ياسيف
الحاج (إياد)
233
6362
3.66
الجديدة+ المكر
مصري (منهل)
133
10983
1.21
كابول
هيبي (علي)
546
5970
9.14
كوكب
الحاج (أحمد)
488
1947
25.06
سخنين
بشير (محمد)
432
16021
2.7
عرابة
ياسين + نصّار (عمر)
2037
12087
16.85
دير حنا
خطيب (رجا)
667
5561
11.99
عيلبون
أبو زيد (سمير)
14
3318
0.42
الناصرة
جرايسي (رامز)
198
49077
0.4
طمرة
أبو الهيجا (عادل)
1628
17104
9.52
إكسال
دراوشة (عبد السلام)
2078
6982
29.76
يافة الناصرة
كنانة (عمران)
298
10063
2.96
قلنسوة
تايه (جمال)
480
10400 
4.61

وبعد حساب المعدّل يظهر أنّ معدّل كُبر عائلات مرشّحينا لا يتجاوز 8.47% من عائلات البلدات التي نخوض فيها الانتخابات، علمًا أن من المرشّحين الجبهويين الذين يتجاوز كُبر عائلاتهم 10% ثمّة مرّشح آخر من ذات العائلة للرئاسة كعائلة أبو الهيجا في طمرة ودراوشة في إكسال ونصّار في عرّابة وخطيب في دير حنّا، أمّا عن كبر عائلات مرشّحينا في المدن المختلطة فحدّث ولا حرج، لأنّ مجرّد ذكر النسب المئويّة لعائلة فوراني (فتحي) في حيفا وعودة (احمد) في عكّا وسكسك (عمر) في يافا ومنصور (فايز) في الرملة، وعواودة (شكري) في "نتسيريت عيليت" وجهشان (ربيع) في كرميئيل فيُثير الابتسامة لأنّ أكبرها لا يتجاوز أجزاء الـ1% من اصوات مدنهم.

ونحن نعتزّ بكل مرشّح جبهة إن كان من عائلة كبيرة أو صغير والشيء المقرّر هو أن يكون وطنيًا، نظيف اليد ويملك المؤهلات المهنية؟! ولكن شاءت الظروف أن يكون مرشحي الجبهة من العائلات الصغرى في كلّ البلاد، ألا يقطع هذا الجدول والمعطيات قول كلّ خطيب؟!

ولو طرحنا مسألة التعامل بين العائلات في الماضي والحاضر فعلى الجبهة وسائر الأحزاب الوطنية التعامل مع "العائلات!" المختلفة بحساسيّة أكثر من السابق، فبعض "العائلات" كانت تُسيّر من قبل السلطة، فنشأت "عائلات وطنية!" و"عائلات سلطوية!" (وهي تقسيمات غير مطلقة في صحّتها) في العديد من القرى، ممّا جعل المعركة الانتخابية عنيفة ووطنيّة ومبدئية بامتياز، ولكن حدث تغيّر في العقدين الأخيرين، حيث لم تعد هناك "عائلات سلطوية" بالحدّة التي كانت عليها حتى سنوات السبعينيات، وتجد نشطاء وطنيين من كل العائلات، وإن كان جزءٌ منهم يقف في صفٍ وطنيٍ موازٍ للجبهة نتيجة لإرث حمله من آبائه وأجداده إلا أنه يتوجّب على الجبهة كإطار مسؤول و"الوِعَى الكبير" أن تبني استراتيجية واضحة لتتّسع فعلا لكل الوطنيين والتقدميين من كل العائلات والطوائف دون أي استثناء، ويمكن بناء تخطيط واضح لإنجاح هذه التحدّي الهام.
لا يمكن للجبهة وللإطار الوطني أن يحارب العائلية نُخبويًا كأن يعزف عن السياسة فالـ"لا سياسة" هي سياسة بامتياز يستفيد منها المعنيّون بترسيخ الوضع القائم، أو يختار موقفًا "مبدئيًا" خارج عن سياق الظروف الموضوعية والذاتية في قرانا، فلا النظريات المطلقة كالأديان تعاملت بهذا الشكل مع القبائل والعائلات ولا الماركسيّة تقبل بما يُسمّى بـ"الطفوليّة اليسارية".

أهميّة الجسم السياسي!

في وضع كهذا يعاني منه الحكم المحلّي عامةً والعربيّ خاصّة، وتُحلّ المجالس ويُقذف المسؤولون المحليون بأقذع الاتهامات، وتستعر التناحرات الفئوية، ويستشري العنف، وقد يؤيّدك جزءٌ من البلد ويزعل منك آخر ويعتب ثانٍ ويحقد ثالث ويتوّعدك رابع في أن يصفّي حساباته معك في انتخابات الكنيست القادمة، وحيث نهاية الانتخابات تشكّل بدايةً للانتخابات القادمة.. في وضع كهذا يتساءل الحزب السياسي: لماذا لا أناضل ضد الاحتلال والتمييز ومن أجل الديمقراطية والعدل الاجتماعي وأعزف عن القضايا المحليّة الشائكة فيقف إلى جانبي كلّ الناس نظريًا وجزء كبير عمليًا؟!

من أجل كلّ ما هو مذكور أعلاه يجب أن نشارك، والرؤساء الجبهويون يقدّمون أفضل أنموذج في التلاحم بين الموقف الوطني ونظافة اليد والمهنيّة، فرغم أن الجبهة هي الإطار الأكبر في قيادة السلطات المحليّة إلا أنه لا يوجد مجلس جبهوي واحد قد حُلّ ( رغم ان الجبهة هي الإطار الأكثر تمثيلا في الرئاسة والعضوية) بينما الرؤساء المحسوبين على أحزاب صهيونية كـ"ربحي أمارة" في كفر كنا و"مازن عدوي" في طرعان و"عاطف الحاج" من إعبلين قد حُلّت مجالسهم وفي الطيرة والشاغور حُلّ المجلس المحلّي وأبقت السلطة عكّازتيها خليل قاسم وأحمد ذبّاح، وكذلك الأمر في الطيبة حيث المجلس الوحيد الذي رئسته الحركة الإسلاميّة الجنوبيّة (الشيخ عبد الحكيم الحاج يحيى) والمجلس الوحيد الذي رئسه التجمّع وهو زيمر (د. فتحي دقّة) وكلاهما حُلا للأسف الشديد مع الإشارة إلى أن الطيبة جرجرت أعباءها من قبل هذه الدورة وفي عهد رؤساء محسوبين على أحزاب السلطة، وبعد ذلك يكتب عوض عبد الفتّاح الأمين العام للتجمّع قبل شهرٍ: "وتواجه اليوم معظم البلديات، إن لم يكن كلها، التي تحكمها الجبهة حالة إفلاس مالي وتأخر في كل الميادين"!!، وقلّة الجواب على هكذا تصريح جواب.

الحزب السياسي هو الوحيد القادر على جمع أفراد من عائلات وطوائف مختلفة، وللحزب السياسي مرجعية فكرية وسياسية، وأدوات محاسبة ومساءلة، وللحزب امتدادٌ قطري حيث أنه من غير المعقول أن نواجه سياسة حكومية قطرية بردود محليّة، وممثّل الحزب هو الأفضل كممثّل للبلدة في لجنتيْ الرؤساء والمتابعة والهيئات المختلفة لا سيّما في هذه المرحلة الخطيرة من تحريض وممارسة سلطوية وتهديدٍ مستقبلي ضدّ الجماهير العربية، هذا عدا الأمر الأساسي وهو ان للحزب أذرع مختلفة وأهمّها التي تناضل يوميًا على المستوى القطري ضدّ الاحتلال والتمييز والتفرقة الاجتماعية والاقتصادية فترتبط كل هذه القضايا جدليا بأبعادها الوطنية والاجتماعية والاقتصادية، ومن هنا يجدُر التأكيد على الطابع السياسي للمعركة الانتخابية، ولا يقوى على ذلك إلا جسمٍ سياسي شموليّ الرؤية وليس مرشحًا عائليًا أو طائفيًا بالتأكيد.
على الأحزاب خوض هذه الانتخابات لأن "الطبيعة لا تقبل الفراغ" وحيث لا يوجد مرشّح حزبي فسيُخلى "الميدان لحميدان"، وعلى الأحزاب خوض هذه الانتخابات لأنّ الذي لا يحمل همّ الناس فالناس لن تحمل همّه، وأقصد بالهمّ هنا هو الهمّ اليومي تحديدًا.
وأعتب على الأجسام السياسية أن تَراجعَ البعد الوطني في أدائها البلدي فلماذا لا يجري التبرّع لصندوق وطني يبني مركزًا للتخطيط الوطني مقابل المؤسسة التي تخطّط ضدّنا على المستوى القطري ونضطّر لمواجهتها محليًا مع تضامن هزيل قطري كما يحدث اليوم في باقة الغربية وجت والطيبة وغيرها، فالمخطط السلطوي قطريًا يركّز في كل مرّة على بلدة معيّنة ضمن تخطيط قطري وردّنا هو محليّ بالأساس! ولماذا لا تعزّز الأحزاب الوطنية المسؤولة في السلطات المحلية من أواصر الروابط الوطنية مع أهلنا في الضفّة والقطاع فلا تجري علاقات كـ"التوأمة" (أو تحت أيّ عنوان آخر) بيننا وتحمل هذه العلاقة تعارف وتضامن وتكافل في وقت الشدائد، ولماذا لا تُسمّى شوارعنا بأسماء سياسية وثقافية واجتماعية تعزّز من القيم المشتركة والرموز الوطنية والتقدمية في نفوس شعبنا فتتعزّز الوحدة الكفاحية وغيرها.. ولكن رغم التقصير إلا أنّك لا تستطيع أن تطلب كلّ هذا إلا من جسم سياسيّ وطنيّ وليس من مرشّح عائلة أو طائفة بالتأكيد.

ولو أردنا أن نشعر بأهميّة خوض الجبهة للانتخابات المحليّة فلنتصوّر الانتخابات المحليّة في الناصرة، الرامة، أبو سنان، سخنين والطيرة بدون الجبهة، فأيّ قوائم ورؤساء سيقودون المجالس المحلية/ البلديّة من طائفيِّين وعائليِّين، فكيف لا نخوض هذه الانتخابات؟ وكيف لا نؤكّد على طابعها السياسي والاجتماعي والحضاري؟ 

ويبرز تميّز موقف الجبهة السياسي في المدن الساحلية العربية اليهودية المشتركة، وكذلك في مدينتي "نتسيريت عيليت" و"كرمئيل" حيث أقيمت هاتان المدينتان ضمن مخطّط تهويد الجليل لإسكان اليهود على الأراضي العربيّة، فإذا بالمواطنين العرب يبدأون بالسكن فيها وتقيم الجبهة قوائم عربيّة يهوديّة مشتركة في مواجهة العنصريّة والتهويد.

وفي تل أبيب ترشّح رفيقنا د. دوف حنين لرئاسة البلدية مفجرًا نقاشًا جماهيريًا حول مواقف الجبهة في أهم المراكز المدنية في إسرائيل، وهذا بحدّ ذاته إنجازٌ هام.


موقفان انتهازيّان

إزاء هذا الوضع المركّب تخوض الحركة الإسلامية والتجمّع الانتخابات بالممارسة "الأجدى" لهما، فالأولى لا تخوض انتخابات البلدية للرئاسة إلا في أم الفحم، أمّا في غيرها "فكفى الله المؤمنين القتال"، وبهذا تبقى الحركة الإسلامية محط إجماع أكبر من لو خاضت غمار السلطات المحليّة والصراعات المحلية وهذا موقف هروبيّ وانتهازي بامتياز، أمّا موقف "التجمّع" فهو ظريف حقًا فهم ينتظرون أين تكون الجبهة لكي يقفوا في الجهة الأخرى، لا أكثر ولا أقلّ، وفي مقال آخر للسيّد عوض عبد الفتاح هاجم مواقف الجبهة مقابل مواقف التجمّع البلدية، وإذا بدأنا من بلده كوكب أبو الهيجا نرى أن الجبهة رشّحت أحمد الحاج فأعلن التجمّع دعمه للمرشّح المنافس نوّاف حجوج، وفي سخنين التي تلي كوكب يمكن للجبهة أن ترشّح مصطفى أبو ريّا أو محمّد بشير (لا يهمّ) فالتجمّع سيدعم إبراهيم حسين غنايم أو مازن غنايم (لا يهمّ)، وفي عرّابة التي تلي سخنين ترشّح الجبهة عمر نصّار فيذهب التجمّع إلى دعم أحمد الجربوني نصّار، وفي دير حنّا التي تلي عرّابة ترشّحُ الجبهةُ الشخصَ المجرَّب والناجح رجا خطيب فيُصدر التجمّع بيانًا رسميًا يعلن فيه عن دعمه لسمير حسين رغم الملاحظات التي وُجّهت له ضد تخطيط حيّ للعملاء أو تقاسم الأراضي مع مستوطنة قريبة ودعوته للانخراط في الأطر "الأمنية" الإسرائيلية جهارًا، وفي عيلبون التي تلي دير حنّا تدعم الجبهة سمير أبو زيد وقبله حنّا سويد (لا يهمّ) فيرى التجمّع في أبو زيد عدوّهم الأساسي فيصوّتون لسليمان زريق أو جريس مطر (لا يهمّ) حتى وإن انخرط أحدهم في أطر "أمنيّة" مختلفة! وفي كل البلاد التي ذكرتها فالمرشّح الجبهوي هو عضو جبهة والانتخابات تجري بإسم الجبهة وشارتها بينما التجمّع يدعم مرشّحين ليسوا أعضاء في التجمّع، ولكن المهمّ أنهم ينافسون الجبهة! وكما هو الوضع في قرى البطّوف التي قدّمْتها بلدًا بلدًا كمثال حيّ هكذا هو الوضع في بلاد أخرى، وإذا أردت أن أفسّر هذا المشهد الكاريكاتيري الأشبه بألعاب "توم و جيري" منه لممارسة سياسيّة، فإنّ الهدف الواضح هو أن التجمّع يستفيد، انتهازيًا، من الأصوات التي "يمون" عليها المرشّح الآخر في انتخابات الكنيست، مقابل دعم التجمّع له في الانتخابات المحليّة!

خاتمة

الانتخابات المحليّة أهدأ من المعتاد حتّى الآن، وربّما يعود ذلك للوضع المأساوي التي وصلت إليه المجالس فلم تعد عنوانًا جذابًا كالسابق، ونتيجة فشل مرشّحي العائلات للعضوية والرئاسة في تلبية مطالب أقربائهم نتيجة للوضع الاقتصادي الصعب، ونتيجة للتكرار والوعودات التي تعود على نفسها كلّ انتخابات، وربّما كان لشهر رمضان تأثيره في الهدوء العام، وهذا الهدوء يخلق فرصة للـ"جبهة" لتأكيد الطابع السياسي للمعركة الانتخابية ومخاطبة عقول الناس بكل وضوح، فلنا أن نعتزّ برصيدنا وطرحنا ومبدئية ومهنيّة مرشّحينا، مع التأكيد الهام على ضرورة محاربة العصبيّات المختلفة والتأكيد على الطرح الوطني والمهني.

المعركة الانتخابيّة لا تنفصم عُراها عن السياسة أبدًا وتبقى كلمة رفيقنا جمال موسى، طيّب الذكر، بسيطة، عميقة وأصيلة في قرية البقيعة: "إذا لم تنبت الخبّيزة عندكم فالسلطة هي المسؤولة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق