الاثنين، 20 يونيو 2011

كيف أُحايِدُ والجبهة تنحاز؟!





السبت 1/11/2008
من خلال قراءتي للنشرات الانتخابية الموجّهة للجمهور العربي في حيفا، وجدتُ أن "الجبهة" والتجمّع يطالبان بالمساواة القومية والمدنية، وهو مطلب هذين الجسمين السياسيّيْن منذ تأسيسهما، كما وجدت أن "الجبهة" تشدّد على مسألة الوضع الاقتصادي والعدل الاجتماعي، في حين أن "التجمّع" لا يَذكر ذلك إلا لماما. وأن "الجبهة" تؤيّد التعايش بين العرب واليهود المبني على المساواة والنديّة والاعتراف بهُوية الآخر والاحترام المتبادل، أمّا "التجمّع" فلا يذكر هذا البُعدَ بتاتًا. والفرق الآخر الظاهر للعيان هو أن "الجبهة" تشمل عربًا ويهودًا ديمقراطيين، بينما تُختزل عضويّة "التجمّع" بالعرب.
لست محايدًا، بطبيعة الحال، فأنا منحاز لمشروع "الجبهة"، ومن هُنا أردت أن أقنعَ أهلي في حيفا بهذا الموقف من خلال مقارنة موجزة لطرح الجسميْن السياسيّيْن، حيث إنني غير مقتنع بأننا نستطيع الحصول على المساواة التامّة إذا انحصر وانحسر نضالنا في عرب حيفا الذين يشكّلون 10% من مواطني المدينة، بل يتطلّب ذلك محاولات عنيدة من أجل إحداث اختراقات في صفوف المواطنين اليهود، محاولات عنيدة كموج حيفا الذي لم يعرف الكلل قطّ، في محاولته الوصول إلى الشاطئ.
لا أرى أن حزبًا يهوديًّا صرفًا أو عربيًّا صرفًا هو العنوان الرئيس لمطلب المساواة بين الشعبين، وقبل أيّام عدتُ من جنوب إفريقيا، وهناك تعلّمت عن النضال المشترك للسود والبيض الديمقراطيين معًا، الذي قاده نلسون مانديلا ضد نظام التفرقة العنصرية (الأبارتهايد)، وذلك بخلاف مجموعات أخرى ("المؤتمر الإفريقي العام" ومجموعة "الوعي الأسود") التي رفضت مشاركة البيض الديمقراطيين في النضال، وهذا المثال ينسحب على تجارب عالمية عديدة، منها النضال المشترك للسود والبيض الذي قاده مارتن لوثر كينغ من أجل الحقوق المدنية في أمريكا، الذي انتصر بخلاف النضال المقصور على السود الذي قاده "مالكوم إكس" رغم أهمية نضال هذا الأخير. وينسحب ذلك، أيضًا، على القائد الاستثنائي جمال عبد الناصر، الذي عندما أراد مواجهة أمريكا أسّس دول "عدم الانحياز" من العرب وغير العرب، ورفض التقوقع في صدفة قومية، رغم البُعد العروبي الكبير الذي تميّز به، ونحن نعتزّ به كما نعتزّ بقوميتنا وهُويتنا التي نطاول بها السماء، وهي التي جعلت حزبنا يخرّج أفضل الشعراء والأدباء والمفكّرين من قلب حيفا، وعلى رأسهم محمود درويش وسميح القاسم وعصام العباسي في الشعر، وإميل حبيبي في الأدب، وإميل توما وصليبا خميس في الفكر، فهل أحد جِديّ يُزايِد على هُويتنا القومية أو الوطنية؟!

 
أستغرب من طرْح حزب التجمّع الذي يستهزئ من مسألة "التعايش"، فنحن أوّل المناضلين ضد "تعايش الفرس والفارس"، "تعايش الراكب والمركوب!"، ولكن كيف يمكن أن يَطلب مساواة مدنيّة ويرفض التعايش؟! فهل سنقاطع اليهود، ويقاطعوننا، في الحياة والعمل والأسواق في مدينة حيفا؟! وهل هكذا نحقّق المساواة القومية والمدنية؟! كيف؟! أم أن المطلب يجب أن يكون واضحًا بأنّنا نؤيّد التعايش المشترك المبني على الحقوق والاحترام المتبادل بين الشعبين والمساواة التامّة، ولا أقلّ من المساواة! وهذا هو موقف "الجبهة" في حيفا وسواها.
كيف يمُكن لحزب التجمّع أن ينأى بنفسه عن القضايا الاجتماعية الاقتصادية، وقد أصدر، مؤخرًا، عدّة نشرات ومنشورات من دون أن يتعرّض لها، فهل هو حزب الجماهير أم حزب النُخَب حصرًا؟! ونحن نعتزّ بأن "الجبهة"- وفي صلبها الحزب الشيوعي- تتميّز بموقفٍ وحسٍ منحاز للطبقات الضعيفة، ونحن نعلم أن جماهيرنا العربيّة في حيفا وسواها هي أوّل ضحايا التمييز الطبقي والاقتصادي.

*فتحي فوراني- اختيار صحيح*

المبادئ العامّة التي ذكرتها بحاجة إلى أشخاص مبدئيين من أجل طرحها والنضال لتحقيقها، وما العمل البلدي إلا أحد روافد هذه النضالات، لا كلّها، ولكن دعوني اؤكد ما نعرفه كلّنا عن رئيس قائمة الجبهة الأستاذ فتحي فوراني، لأنني، وأنتم، نعرفه عن قرب منذ سنين، أو عشرات السنين، فبالإضافة إلى استقامته الشخصيّة وتعامله الجِدّي والمثابر مع الأمور، فهو يتميّز عن باقي مرشّحي القوائم الأخرى بثلاث صفات هامّة جدًّا لنا كمواطنين عرب، وهي:
أولاً، الأستاذ فتحي متخصّص في مجال التربية والتعليم، ونعتزّ بأن يكون عضوًا في (أو رئيسًا) للجنة التعليم البلدية، حيث إن إشكاليات المدارس الحكومية والأهلية، سواء بسواء، هي من أهم القضايا التي تهمّ المواطن العربي في حيفا.
ثانيًا، قضايا الهُوية القومية واللغة العربية، وهي بُعد أساسيّ للحفاظ على الذاكرة وعلى الملامح العربية لمدينتنا، وللقامة القومية للمواطنين العرب، والأستاذ فتحي هو عنوانٌ شامخٌ في هذا المجال، وقد علّم أجيالاً على حبّ اللغة العربية والهُوية القومية.
ثالثًا، الأستاذ فتحي متقاعد اليوم، وعضويّة البلدية تطوّعية، فعضو البلدية لا يتقاضى راتبًا، ومن هنا فإن تقاعد الأستاذ فتحي سيجعله متفرغًا للعمل البلدي في القضايا الجماعية، وعنوانًا لقضايا الناس اليومية كدُيون الأرنونا والماء والمخالفات وغيرها، حيث إننا بحاجة إلى عضو بلدية متفرّغ ولن يكون في الدورة القادمة متفرغٌ سواه.
اعترفتُ بأنّي غير محايد، فالجبهة انحازت لأهالي حيفا ومصلحتهم الحقيقية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق