الثلاثاء، 14 يونيو 2011

ألأجــواء جـبـهويـّـة فلنـتـرجـمـهـا أصــواتـًـا فــي الصـنـاديـق !


الجمعة 2/12/2005


* أهي معركة حقيقيّة في مركزها الشعب الفلسطيني ومطالبنا القوميّة والمدنيّة والقضايا الاجتماعيّة - الاقتصادية، أم فرقعات إعلاميّة "لتغيير" طابع الدولة وطوابع البريد؟! *

قبل بضع سنين، في مقرّ الجبهة القطريّة بحيفا وقعت في يدي أقصوصة ورق سرعان ما تعرّفت على كاتبها بخطّه الكبير والمميّز، وبعد استفسارٍ سريع عرفتُ أنّ إميل حبيبي خطّها كفكرة أوّليّة لدعاية الجبهة لانتخابات 1988، انتخابات الانتفاضة الأولى، حيث عمل مركّزًا للطاقم الانتخابي، وجاء في الأقصوصة:
"إنتفاضة يا بنت عمّي
حجر منّك و"واو" منّي
حتى نخلص من همّك
الّلي هو كمان همّي"
وبهذا عبّر حبيبي بإبداعٍ أصيل عن مركزيّة قضيّة السلام وإنهاء الاحتلال وجدليّتهما بالمساواة من خلال حفظ الأولويّات (حتى نخلص من همّك اللي هو كمان همّي) وتأكيد شرعيّة المقاومة وشعبيّة النضال (وحجر منّك) وتحديد دورنا المتميّز ونضالنا المدني (و"واو" منّي)، مع تأكيده على الانتماء القومي الجامع (يا بنت عمّي) وينهل حبيبي، كدأبه، من تراث شعبنا:"آذار يا ابن عمّي.. ثلاثة (أيام) منّك وأربعة منّي.."
ولم تكن دعاية حبيبي إلا امتدادًا وترسيخًا للموقف الحزبي التاريخي منذ إقامة دولة إسرائيل وحرمان الشعب الفلسطيني من حقّه في تقرير المصير:

"فمأساتي التي أحيا
      نصيبي من مآسيكم"

نعم ، كان من الواضح للجميع أن القضيّة المركزّية هي ضرورة إنهاء الاحتلال، وأنّ كل تعميق في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يلبّد غيوم الكراهيّة والإقصاء ضدّ المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل، وأنّ معركتنا من أجل المساواة التامّة هي أيضًا معركتنا من أجل السلام بين شعبنا ودولة مواطنتنا (حتى نخلص من همّك اللي هو كمان همّي) وهذا ما قد بدا للبعض أنّه تغيّر منذ منتصف التسعينيّات، منذ "أوسلو" تحديدًا.

* "وشو معنا إحنا؟!"

منذ منتصف التسعينيّات، ومن خلال توقيع اتفاق إعلان المبادئ (أيلول 1993) والتقدّم في المسيرة السلميّة، وانتشار روح التفاؤل على الشعبين وحصول أقطاب المسيرة على جائزة نوبل و.. كان من
الواضح للكثيرين أنّنا في طريقنا إلى إعلان الدولة الفلسطينيّة، وللمفارقة فإنّ من أيّد "أوسلو" أراد التأكيد على أهميّة الاعتراف المتبادل وحثّ المسار التفاوضي، بقي رصينًا سابرًا غوْر مآزق المسيرة، أمّا معارضوه فهم أوّل من قفز مهرولين: "وشو معنا إحنا؟!" وقد كانت ترجمة جواب السؤال على أرض الواقع نشوء 70% من الجمعيّات العربيّة الشاغلة في القضايا الخاصّة للعرب داخل إسرائيل(إحصائيّات رسميّة) أو وضع برنامج سياسي لحزبٍ جديد جاء في بنده الأوّل: دولة كلّ المواطنين (إحْنا) والثاني: الاعتراف بالعرب كأقليّة قوميّة (إحنا) والثالث: حكم ذاتي ثقافي (إحنا) والرابع والخامس والسادس..(إحنا) وصولا إلى البند الثالث عشر حيث ذُكر موضوع السلام! ثمّ عادت البنود لتؤكّد على العرب داخل إسرائيل!
في تلك السنوات غُيّبت،كذلك، القضايا الاجتماعيّة الاقتصاديّة من برامج وممارسة كلّ الأحزاب الفاعلة بين الجماهير العربيّة – عدا الجبهة، فقد تأثّر المواطنون العرب إيجابًا من تحسّن الوضع الاقتصادي في إسرائيل كإسقاط المركز على الهامش (اللي بحضر السوق ببيع وبشتري) وكان عِماد أحد أحزاب التسعينيّات شريحة واسعة من الطبقة الوسطى من أطبّاء ومحامين والعديد من الأكاديميّين..

* رمز الحمار البسيط

هذا الوضع استمرّ بتفاوت حتى انتفاضة الأقصى وأكتوبر 2000 اللذين، باتحادهما واختلافهما في الوقت ذاته، أعادا إلى الوعي الجماهيري الحقيقة المموّهة منذ التسعينيّات وهي أن قضيّة السلام وإزالة الاحتلال بقيت القضيّة المركزيّة، وأن القضايا الاجتماعيّة الاقتصاديّة تبقى في صُلب نضال الجماهير العربيّة والشرائح المستضعفة، وأن المعركة من أجل المساواة لا يمكن أن تكون نتاجًا لسجالات أكاديميّة تسمح لنفسها بطرح مسائل رؤيويّة أو بعقليّة المعاهد التجريبيّة (إمبيريّة) فتُنهي معركة المساواة بالضربة القاضية (Knock Out) فبدؤوا في مطلب تغيير طابع الدولة وانتهوا باقتراحات قوانين أسبوعيّة لتغيير العلم والنشيد الوطني وشعار الدولة وحتى طوابع البريد (أتذكرون؟!) وإنّما معركة المساواة لأقليّة قوميّة مواطنة في دولة تحتلّ الجزء الآخر من شعبها، لا يمكن أن تتم إلا من خلال معركة حكيمة ترعى الأولويّات فتبدأ بشعار "الحقوق المدنيّة والقوميّة" (وليس دولة المواطنين أي من تحت لفوق، وليس من فوق لتحت) من خلال معادلة تراكميّة وتصعيديّة تؤدّي بمنهجيّتها إلى تغيّرات نوعيّة، وهذا ما اجترحته جماهيرنا منذ  الخمسينيّات في معارك البقاء أولا ثم نضالها من أجل وصول المياه إلى قرانا وإنهاء الحكم العسكري وتأسيس السلطات المحليّة وحتى الحق في السكن في كل مكان وعلى أي ارض وحتى المساواة التامّة "ولا أقل من المساواة" كما جاء في الشعار الجبهوي التاريخي.
ووجدت تعبيرًا رائعًا لأولويّات النضال في قصيدة محمود درويش "حالة حصار" جاء فيها:
"واقفون هنا. قاعدون هنا. دائمون هنا. خالدون هنا.
ولنا هدف واحد واحد واحد: أن نكون.
ومن بعده نحن مختلفون على كل شيء.
على صورة العلم الوطني (ستحسن صنعًا لو اخترت يا شعبي الحي رمز الحمار البسيط)
ومختلفون على كلمات النشيد الجديد
(ستُحسن صنعًا لو اخترت أغنية عن زواج الحمام).
مختلفون على كل شيء. لنا هدف واحد: أن نكون..."

* ألقضايا الرئيسيّة الثلاث.. صُلب البرنامج الجبهوي

انتفاضة الأقصى وأكتوبر 2000 أعادا الاهتمام الجماهيري للقضايا الجوهريّة الثلاث والتي هي في صُلب برنامج وتوجّه الجبهة، دون سواها:
أولا. المعركة الأساسيّة هي إنهاء الاحتلال.
ثانيًا. لقمة العيش أو القضايا الاجتماعيّة الاقتصاديّة.
ثالثًا. النضال من أجل المساواة – وذلك يتم من خلال مراكمات منهجيّة تخلق حركيّة (ديناميكا) نحو التغيير النوعي، وليس بدءًا من تغيير طوابع البريد!. 
برنامج وتوجّه الجبهة يخاطبان عقل الجماهير بكل قوّة وثقة وفي هذه المرحلة بالذات، ولذا فواجبنا الساعة هو أن نشمّر عن سواعدنا بكل الإرادة والإصرار لترجمة قضايا الناس الحقيقيّة إلى أجواء شعبيّة جبهويّة خلال الأشهر الأربعة القادمة وإلى أصواتٍ في صناديق 28.3.2006.

* صوّت لسمّور بطلع حمّور!

نحن نصرّ على رؤية جميع ألوان الطيف السياسي، فمواقف أعضاء ميرتس ليست كمواقف أعضاء الليكود وأيحود ليئومي، بل ونفرّق بين اللون ذاته إن كان فاتحًا أو غامقًا، هكذا يتصرّف الانسان الأممي ومن يبحث عن مصلحة شعبه، ولكنّ، بالله عليكم، اشرحوا لي مَن اليساري أكثر: بيرس من حزب "كديما" أم براك من حزب العمل؟! داليا ايتسك من "كديما" أم بن إليعزر من العمل؟! حاييم رامون من "كاديما"  أم أفرايم سنيه من العمل؟!..، لقد صُنّف أعضاء "كاديما" الثلاثة الجدد دائمًا بأنّهم حمائم حزب العمل، وصنّف الثلاثة الباقون في حزب العمل بأنّهم صقور الحزب! (رغم زوال هذه الصفات في الفترة الأخيرة) فمن يقف على يسار/ يمين من، العمل حتى وإن كان برئاسة عمير بيرتس أم "كاديما" برئاسة شارون؟
أتذكرون قصّة الحمولتين وأحرف "المباي" بالعربيّة والعبريّة؟! ولمَ التعجّب فحتى رئيس ميرتس – ياحد يوسي بيلين يعلن بكلّ مناسبة عن استعداده للانضمام لحكومة يشكّلها شارون؟! إذن فالمعادلة شديدة الوضوح إن من يصوّت لأي حزب من اليسار الصهيوني فتكون النتيجة إمّا شارون وإما.. شارون، مثلما حدث مع من صوتوا لمتسناع فذهب هو وظل حزب "العمل" شريكًا في حكومة شارون. وهكذا هذه المرة أيضا يجب التحذير من أنه حتى بيرتس، على وسطيّته وجبنه في مواجهة الإجماع الصهيوني، قد ينهشه أعضاء حزبه بعد الانتخابات، وما أشطر "العمل" في النهش والطعن في الظهر!
إن من يريد أن يصوّت لقائمة تنشد التأثير الجوهري (وليس كرضا المرأة الكنعانيّة بفتات المائدة أو "كتأثير" الموحّدة بالوعد المنكوث في ميزانيّة الدولة) وتمتلك الضوابط الأخلاقيّة والوطنيّة، فليس له، إلا الجبهة، صوتًا مضمونًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق