السبت 11/6/2005

من يكتب حكايته يرث أرض الكلام
ويملك المعنى تماما
(محمود درويش)
*****************
"لماذا في السبت؟" تجتاحني هذه العبارة اللئيمة المسحوبة من إنجيل مرقس والتي هاجم بها الفريسيّون السيّدَ المسيح لشفائه مريضًا في يوم السبت. ويرفض المسيح أن ينهي الحادثة إلا بالقول الجبّار: "إنّ الله خلق السبت من أجل الإنسان، وليس الإنسان من أجل السبت" محاربًا كلّ متخذي الوسائل أصنامًا لهم، وواضعًا الإنسان، المخلوق في أحسن تقويم، في مكانه الطبيعي، في سدرة المنتهى.
من ابتلي بمعادلة "إما القطيع أو القطيعة" واكتوى بجماعة "لماذا في السبت؟" لا بد أن يلتقط الأساسي من كتابَيْ الكاتب حنّا أبو حنّا حديثي الصدور "مهر البومة" و"خميرة الرماد" مكملا الجزء الأوّل من السيرة "ظلّ الغيمة" ويهتف منتشيًا: هذان الكتابان معجونان بالتفاصيل الحيّة، أليس "الله موجود في التفاصيل" وقد خطّهما من كان جزءًا من الحدث ومن صانعيه، تفاصيل نضال حقيقي شدّ فيه الحزبُ الشيوعي الضوءَ "خيطًا ريّقًا" في دياجير الحكم العسكري.
من بين ما شدّني في الكتابين العلاقة بين الحزب الشيوعي والجماهير العربيّة، فكثيرًا ما كتب عن نضال الحزب ضدّ السلطة، ولكن لم يُكتب بما فيه الكفاية عن كفاح الشيوعيين في انتزاع نفسيّة النكبة والتي أشرت إليها سريعًا في كتابي "الجبهة الآن بالذات – رسالة إلى الشباب" وفيه ذكرت حادثتين عميقتا الدلالات: الأولى عن توفيق طوبي الذي صُدم بشعار أهل مجدل عسقلان: "يعيش بن غوريون.. يسقط توفيق طوبي" استعطافًا لبن غوريون، وكانت النتيجة أن ألقت بهم شاحناته إلى ما وراء الحدود، ووجدت دراسة عميقة أشارت إلى هذه الحادثة في كتاب "تصحيح خطأ" للكاتب الإسرائيلي بيني موريس، والحادثة الثانية هي لحادي مسيرتنا توفيق زيّاد الذي وجّه أسهم عينيه مباشرة إلى عيني "البوليس" الذي أخاف حضوره أهالي الفريديس، وصاح " يا إخوان البوليس مثل الكلب الجعيري إذا الحقته بهرب وإذا هربت بلحقك" صرخة بسيطة لكنّها غوْريّة ألقت بذرة تحدٍ إضافيّة في نفوس أهالي الفريديس.. وتتوالى المحاولات.. وهذا هو جمال موسى بجانب العين والتوتة في البقيعة، والناس تخشى سماع أقواله "فلكلّ شيء آذان" فيتجه نحو التوتة ويقول: "يا توتة.. إسمعي" ويبدأ خطبته التي سمعها وذوّتها الكثيرون، منهم الرفيق الشاعر نايف سويد الذي قصّها عليّ قبل أيّام، وغيرها..
ويتقاطع هذان الكتابان مع كتابٍ آخر قرأته للخارج عن السياق أمنون لين بعنوان "قبل العاصفة" حيث يقرّ لين بأن عرب المباي لم يكن لهم عدو إلا الحزب الشيوعي، وكانوا يتفقون مع عناصر المؤسسة على الخروج في مظاهرة مطالبين بحقٍ للجماهير العربيّة، فتستجيب لهم السلطة وذلك ضمن اتفاق سرّي مسبق! بينما تعمل السلطة على قمع الشيوعيين لتبرز للناس المضلَّلين بأنّ أعوان السلطة قادرين على تحصيل بعض الحقوق.. حقوق المرأة الكنعانيّة الراضية بفتات المائدة في مساومتها مع السيّد الذي ما جاء، قبل التغيّر الأممي، إلا لخراف بني إسرائيل الضالّة، ونحن أصرينا على ممارسة أناشيد أبناء شعبنا في مناسبات الفرح: "يا بشرب من راس العين يا بخلّي حالي عطشان".
جاء الوقت! نعم جاء الوقت لنقوم بعمل جماعي علمي ومهني لتوثيق تاريخ جماهيرنا بقيادة الحزب الشيوعي، ليس لنوسطالجيا لها ما يبرّرها، وإنما من أجل الأجيال الشابّة، ومن أجل مستقبلها، وهذا هو الأساس.
هذا النداء ليس موجهًا إلى التوتة، وإنّما إلى قيادة حزبنا الشيوعي وجبهتنا.
كتابا الأستاذ حنّا أبو حنّا هامّان جدًا، قد نختلف في بعض القضايا، ولكن لنا كلّ الثقة بقراءتهما ومناقشتهما والاختلاف معهما "والاختلاف رحمة" كما جاء في الحديث.
ولأنّ "النهر يظلّ لمجراه أمينًا" وأبا الأمين، فكتاباه جديران بأن يقرآ ويستمرآ ويذوّتا.
من ابتلي بمعادلة "إما القطيع أو القطيعة" واكتوى بجماعة "لماذا في السبت؟" لا بد أن يلتقط الأساسي من كتابَيْ الكاتب حنّا أبو حنّا حديثي الصدور "مهر البومة" و"خميرة الرماد" مكملا الجزء الأوّل من السيرة "ظلّ الغيمة" ويهتف منتشيًا: هذان الكتابان معجونان بالتفاصيل الحيّة، أليس "الله موجود في التفاصيل" وقد خطّهما من كان جزءًا من الحدث ومن صانعيه، تفاصيل نضال حقيقي شدّ فيه الحزبُ الشيوعي الضوءَ "خيطًا ريّقًا" في دياجير الحكم العسكري.
من بين ما شدّني في الكتابين العلاقة بين الحزب الشيوعي والجماهير العربيّة، فكثيرًا ما كتب عن نضال الحزب ضدّ السلطة، ولكن لم يُكتب بما فيه الكفاية عن كفاح الشيوعيين في انتزاع نفسيّة النكبة والتي أشرت إليها سريعًا في كتابي "الجبهة الآن بالذات – رسالة إلى الشباب" وفيه ذكرت حادثتين عميقتا الدلالات: الأولى عن توفيق طوبي الذي صُدم بشعار أهل مجدل عسقلان: "يعيش بن غوريون.. يسقط توفيق طوبي" استعطافًا لبن غوريون، وكانت النتيجة أن ألقت بهم شاحناته إلى ما وراء الحدود، ووجدت دراسة عميقة أشارت إلى هذه الحادثة في كتاب "تصحيح خطأ" للكاتب الإسرائيلي بيني موريس، والحادثة الثانية هي لحادي مسيرتنا توفيق زيّاد الذي وجّه أسهم عينيه مباشرة إلى عيني "البوليس" الذي أخاف حضوره أهالي الفريديس، وصاح " يا إخوان البوليس مثل الكلب الجعيري إذا الحقته بهرب وإذا هربت بلحقك" صرخة بسيطة لكنّها غوْريّة ألقت بذرة تحدٍ إضافيّة في نفوس أهالي الفريديس.. وتتوالى المحاولات.. وهذا هو جمال موسى بجانب العين والتوتة في البقيعة، والناس تخشى سماع أقواله "فلكلّ شيء آذان" فيتجه نحو التوتة ويقول: "يا توتة.. إسمعي" ويبدأ خطبته التي سمعها وذوّتها الكثيرون، منهم الرفيق الشاعر نايف سويد الذي قصّها عليّ قبل أيّام، وغيرها..
ويتقاطع هذان الكتابان مع كتابٍ آخر قرأته للخارج عن السياق أمنون لين بعنوان "قبل العاصفة" حيث يقرّ لين بأن عرب المباي لم يكن لهم عدو إلا الحزب الشيوعي، وكانوا يتفقون مع عناصر المؤسسة على الخروج في مظاهرة مطالبين بحقٍ للجماهير العربيّة، فتستجيب لهم السلطة وذلك ضمن اتفاق سرّي مسبق! بينما تعمل السلطة على قمع الشيوعيين لتبرز للناس المضلَّلين بأنّ أعوان السلطة قادرين على تحصيل بعض الحقوق.. حقوق المرأة الكنعانيّة الراضية بفتات المائدة في مساومتها مع السيّد الذي ما جاء، قبل التغيّر الأممي، إلا لخراف بني إسرائيل الضالّة، ونحن أصرينا على ممارسة أناشيد أبناء شعبنا في مناسبات الفرح: "يا بشرب من راس العين يا بخلّي حالي عطشان".
جاء الوقت! نعم جاء الوقت لنقوم بعمل جماعي علمي ومهني لتوثيق تاريخ جماهيرنا بقيادة الحزب الشيوعي، ليس لنوسطالجيا لها ما يبرّرها، وإنما من أجل الأجيال الشابّة، ومن أجل مستقبلها، وهذا هو الأساس.
هذا النداء ليس موجهًا إلى التوتة، وإنّما إلى قيادة حزبنا الشيوعي وجبهتنا.
كتابا الأستاذ حنّا أبو حنّا هامّان جدًا، قد نختلف في بعض القضايا، ولكن لنا كلّ الثقة بقراءتهما ومناقشتهما والاختلاف معهما "والاختلاف رحمة" كما جاء في الحديث.
ولأنّ "النهر يظلّ لمجراه أمينًا" وأبا الأمين، فكتاباه جديران بأن يقرآ ويستمرآ ويذوّتا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق