الثلاثاء، 14 يونيو 2011

بين نياط القلب الممزّقة والموقف المسؤول


المحامي أيمن عودة
الأحد 13/2/2005
تمزّق نياط القلب أخبارُ المغار، نتصل بالرفاق فيجيب الرفيق جمال بدر بما أكده لي جابر عساقلة: المطلوب من الجبهة القطرية وقيادتها أن تضغط بكل قوة لكي تتدخّل الشرطة.. ويضيف: الشرطة لم تتدخّل أبدًا .. ويستطرد: أولاد الكلب.
ثمّ تتوالى الأخبار فنقطف منها الموقف الشهم لمجموعة من مشايخ الطائفة العربية الدرزية الذين تصدّوا بالشوارع لمجموعة الشباب الأزعر(الذي خرج جزءٌ منه بعد الخبر – المشكوك في صحّته- حول التشهير ببعض الصبابا الدرزيات). وخبر الاجتماع الهام والشجاع في الخلوة، وخبر آخر عن المواقف المسؤولة للمجلس المحلي.. مواقف أصيلة تثبت للمرّة الألف أن الأحداث ليست "أبيض وأسود"، ليست بين طائفة وأخرى، وإنّما هي بين شبان مفسودين (تربية جيش الاحتلال) وآخرين مغرّر بهم، يعتدون على أفراد من طائفة كاملة.. عمل قبيح ومستنكر يجب محاصرته وقطع دابره بسرعة قصوى.
المغار تتطلّب منّا جميعًا موقفًا مسؤولا.. هناك العديد من القوى والأفراد (العرب) الذين يصطادون في المياه العكرة، أو يقعون فريسة للأحداث المؤسفة، وتجد السلطة، من خلالهم، متنفسًا لنفث سمومها، فما أسهل (وأسفل) من شتم طائفة كاملة؛ وهناك من سيقول أنّه لا مكان لنا في هذه القرية أو تلك، وربّما قال آخر إنّ الحل هو الهجرة، وهناك من سيروّج: ليس لنا إلا السلطة لتحمينا، وآخر يكتشف حلا: الانخراط بالجيش أو بدائله.. المعروضة اليوم بقوّة..
تتوارد الخواطر.. ما وراء هذه الأحداث؟ وما عواقبها؟ وهي تأتي في سياق المحاولات الحثيثة لزج الجيل الشاب في صفوف جيش الاحتلال والمخطّط الأحكم والأدهى.. "الخدمة المدنيّة"! هل ستستغلّ السلطة بعض الجهلة وضعاف النفوس لترويج بضاعتها.. ومن جهة أخرى (أو ذات الجهة) وهل   ستستغلّ السلطة هذا العمل المشين لتمضي في مخطّطها الخطير لتشويه سمعة كل العرب الدروز، والذين بدأت ظاهرة رفض الخدمة العسكرية تأخذ حيزًا كبيرًا في تفكيرهم وممارستهم.. فهذا التشهير السلطوي ب الضابط "ر" من خلال التأكيد على مكان سكنه، وقبل ذلك قصّة شاب يقوم بعملٍ غير أخلاقي على الحاجز(اهتمّت الناطقة بلسان الجيش أن تقول إنّه من قرية درزيّة!) وهذه الاحتفالات بعودة "الابن الضال" عزّام عزّام المتسربل بالعلم الإسرائيلي (ردًا على الاحتفال بعودة رياض علي بأمر وسعي ياسر عرفات) وبعد قليل ستعمل السلطة "زيطة وزمبليطة" عندما تقدّم "ماحش" لائحة اتهام واحدة فقط ! ضد قاتل رامي غرّة من جت! واحدة فقط ضد شاب عربي درزي مِن بين ثلاثة عشر مجرمًا قَتلوا ثلاثة عشر ضحيّة في أكتوبر 2000، أين باقي المجرمين، المباشرين وغير المباشرين؟ 
الموقف خطير، ونرفض اتهام طائفة بأكملها (فهذا ليس واقعيًا وليس صحيحًا) يجب إبراز الدور البطولي والهام الذي قام به أفراد من مختلف الشرائح، ويجب أن يزأر هذا الصوت مجلجلا ويكون هو الأعلى، فالمشكلة قامت بها حثالة من الشباب يجب أن نحاصرها جميعًا.. جميعًا.
إما نرحل كلنا أو نبقى كلنا
شعبنا (وبكل شرائحه) لا ينسى اليوم المشهود من العام 48 الذي وقف فيه قائد "الهاغاناه" وقال لأهل المغار : عرّبوا عن بعضكم (على لسان أهالي المغار) أي لتقف كل طائفة على حدة  بهدف طرد المسلمين والمسيحيين، فتصدى العرب الدروز وتحدّى صوتُ أبو أنور حسين عرايدي واحتج غاضبًا: نحن بلد واحدة إمّا نرحل كلنا وإمّا نبقى كلنا... ووقف جميع أبناء الطائفة إلى جانبه ..وبقي كل أهالي المغار في الوطن، وموقف شبيه حدث في قرية البقيعة.. 
وشاءت الظروف أن يقوم ثلاثةُ أبطال، كل واحد منهم وُلد لعائلة تنسب لطائفة مختلفة، ويؤسّسون الحزبَ الشيوعي – فرع المغار (المرحوم محمد عبد الله أبو نمر(أبو أنور) هايل جوعيه وداوود تركي) وتمكّنوا من ترسيخ حزب وجبهة عريقين يضمان شرفاء من مختلف الشرائح.
المغار هي البلد التي هبّ أهلها (من مختلف الشرائح) في بداية الخمسينيّات للدفاع عن الحزب الشيوعي ومحامي الأرض والشعب حنا نقّارة في مواجهة أعوان السلطة ومن غرّر بهم.
المغار هي البلد التي وقفت بشجاعة متميّزة (نتيجة لخصوصيّتها) إلى جانب قرار إضراب يوم الأرض ودفعته إلى التطبيق، وكان رئيس مجلسها السيّد أمين عساقلة من الرؤساء المعدودين على أصابع اليديْن، في تلك الجلسة الخطيرة والمفصليّة في شفاعمرو، ليعلن مع الرؤساء الشرفاء: الشعب قرّر الإضراب
   المغار بلد الشعراء والكتاب والفنانين: شكيب جهشان، هايل عساقلة (طيبَيْ الذكر) ورياض كامل، سليمان دغش، نعيم عرايدي، سامر خير، حاتم جوعيه، ضرغام جوعيه، راضي شحادة، سلمان مصالحة، جريس طنّوس، عدنان طرابشة، أمين أبو جنْب وسلمان دغش ... من منهم المسيحي ومن الدرزي ومن المسلم.. لا أعرف ولا أريد أن أعرف ولا أن نعرف.
سيكون جماهيرنا هذه المرّة واعية ومتعلمة من تجاربها (شهاب الدين وطرعان وغيرهما) وأسرع في الرد، وستوقف كل هذه الزعرنات اليوم اليوم اليوم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق