الاثنين، 20 يونيو 2011

محاكمة نضالنا





الأحد 7/3/2010

على طريقته الذكية وصف الرفيق محمّد نفّاع التُهم الموجّهة لرفيقنا أبي السعيد بأنها "تُهم مرفوضة ونعتزّ بها"، وترك لنا أمر تفكيك هذه الجملة التي قد تُعجز جاك داريدا واضع "النظرية التفكيكية".
فالمحاكمة ضد النائب محمد بركة هي حقًا المحاكمة الأولى والوحيدة لعضو برلمان - بين عشرات المحاكمات في السنوات الأخيرة - التي تجري على خلفية غير شخصية، وإنما على خلفية عامّة وعامّة جدًا، فهي محاكمة على المشاركة في مظاهرات عدّة، والتصدّي لاستفزاز قوّات "الأمن" في تل أبيب، بلعين والناصرة.
 لذا فحضورنا المكثّف قبالة المحكمة صباح الأربعاء في تل أبيب ومساءه في سخنين، هو مسؤولية شخصية لكلّ رفيق ورفيقة للمساهمة في الردّ الشعبي لإفشال الهدف من وراء تقديم التُهم.
 حضورنا يقول إن المحكمة لم تثننا، وإنما زادتنا إصرارًا على المُضي في طريق النضال، وبهذا يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

* في البُعد العالمي...

من استراتيجيات النضال التي اتخذناها في "قضيّة النائب بركة" والملاحقات السياسية ضد قيادة الجماهير العربية هي التوجّه إلى المحافل الدولية، وهنا يهمّني أن أوضح موقفًا حول مدى نجاعة التعويل على التدويل.
لقد كان الموقف العالمي في الخمسينيات والستسنيات أفضل من اليوم، بما لا يُقاس. ولكن رغم وجود الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية وعشرات "دول عدم الانحياز" والدوائر العربية والإسلامية والإفريقية إلا أن هذا لم يُحدث تغييرًا جذريًا في توجّهات إسرائيل العدوانية، بل إن رئيس الحكومة الأول "بن غوريون" وصف الأمم المتحدة في حينه بـ "או"ם שמום" (أمم متحدة مملّة وضحلة) وكان يقول: "ليس المهم ما يقوله الأغيار وإنما ما يفعله اليهود" ولكن رغم سوء الوضع العالمي- ولا مراء في ذلك- إلا أنه بعد انتهاء انهيار المعسكر الاشتراكي وانتهاء "الحرب الباردة"، سمح "الغرب" لنفسه بالانفراج الليبرالي النسبي بعدما كان متخندقًا في عدائه للمعسكر الاشتراكي والسكوت عن كل عيوب "الحلفاء" في مواجهة العدو الأكبر- الاتحاد السوفييتي.
وفقط بعد انهيار المنظومة الاشتراكية ساهم الغرب بتحرير "جنوب إفريقيا" من الأبرتهايد، وقد كان، قبل ذلك، يخشى التحاقها بالمعسكر الاشتراكي نظرًا لقوّة الشيوعيين في "المؤتمر الوطني الإفريقي". واليوم أصبحت ملاحقة الإسرائيليين في الغرب تأخذ منحى أكثر جديّة ابتداءً من ملاحقة العسكريين في بريطانيا مرورًا بمواقف "الاتحاد الأوروبي" وصولا إلى تقرير "غولدستون"، والأمر الجديد هو جديّة "لجنة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة" التي تدرس اليوم أوضاع عرب النقب، ومن شأنها تقديم تقرير يسبّب إحراجًا شديدًا لـ"بناغرة" اليوم، لن يجعلهم يكرّرون مقولات "بن غوريون" السابقة.
 دولة إسرائيل تغتاظ من هذا التدخّل العالمي في "شؤونها الداخلية" وهي التي رُوّجت كـ"واحة الديمقراطية"، وتُلصِق بكل من يُدخل العالم "شؤونها الخاصّة" بالوصمات الجاهزة: "طابور خامس"، "لا ساميّة" وغيرها.
دولة إسرائيل، باغتياظها هذا، تذكّرني بجارٍ كان يضرب زوجته يوميًا، وفي إحدى المرّات سمعنا زوجته تصرخ بأنه سيذبحها بالسكين، فما كان من الجيران إلا اقتحموا بيته وانتزعوا السكين من يده، وأخذوا يهدّؤونه.
وفي صباح اليوم التالي جاء الزوج العنيف إلى جيرانه معاتبًا: أليس من العيب أن تتدخّلوا في شؤون بيتي الخاصّة؟!
 فأجابه أحد الجيران: أنت محقّ، ونحن مستعدّون أن لا نتدخل. ثمّ صمت لحظة واستطرد: بشرط واحد!
 فقال الزوج: ما هو الشرط؟
 نظر إليه الجار مليًا وقال: أن تحترم نفسك!
* * *
التعويل على التدويل يبقى صوريًا إن لم نناضل ونؤثّر هنا بالأساس، ولنفرض قضيّتنا على مختلف المحافل، ومنها الدولية، تاليًا.
إلى اللقاء في يوم الأربعاء، هذا واجبنا جميعًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق