الاثنين، 20 يونيو 2011

نصرٌ كبير.. أخلاقي وكمي





الخميس 12/2/2009

منذ سنة 1988 لم تصل الجبهة إلى أربعة مقاعد لوحدها! وفي أيّام العزّ في السبعينيات والثمانينيات- سوى انتخابات 1977- لم نحصل على أكثر من أربعة مقاعد! ولأوّل مرّة نجتاز أعلى رقم انتخابي وصلنا إليه في أية معركة انتخابية سابقة.
لقد صوّت لنا مائة وعشرة آلاف عربي ويهودي، أصوات شريفة نظيفة جلبناها إلى الصناديق بالإقناع والعرق والجهد رغم شحّة الموارد، زدنا أربعة وعشرين ألف صوت أعلى بنسبة 28% عن المرّة السابقة! وهذا ليس سهلا على حزب وجبهة تاريخيّين لهما الكثير من الأصدقاء ولكن لهما خصومًا أيضًا في كل بلد! ولو تمعّننا في نتائج بعض القرى والمدن العربية وفي العدد الكبير من المواطنين اليهود الذين فكّروا بالتصويت للجبهة ولم يصوّتوا لها في النهاية، لوصلنا إلى قناعة حقيقيّة بأنّ آفاق مدّ الجبهة أكبر بكثير من المقاعد الأربعة وهذا هو تحدّينا الكبير للمرّة القادمة.
الجبهة خاضت الانتخابات بمبدئية كبيرة، فشخّصت التصاعد في قوّة اليمين فأرادتها معركة حضارية، ورغم الطعن في الظهر، ورغم أن البعض حمل كل حملته الانتخابية على الجبهة وقادتها ومرشيحها، كظمنا غيظنا بصعوبة كبيرة وبمبدئية كبيرة، لم ننجر أبدًا وأصرّينا على القواعد الأخلاقية والوطنية الثلاث:
أ‌. التنافس الحضاري.
ب‌. دحر الأحزاب الصهيونية.
ج‌. العمل المشترك على زيادة نسبة التصويت.
ونجحنا في القضايا الثلاث ، فكُنست الأحزاب الصهيونية واستفاد غيرنا أكثر منّا في ذلك، ومنعنا الإحباط بأن يجعل الناس لا مبالين فحافظنا على نسبة التصويت واستفاد غيرنا أكثر منّا، وأصرّينا على التنافس الحضاري الذي ساهم في زيادة التصويت، وفي المحصّلة حافظنا على صحّة مجتمعنا وعلى المناخ السياسي وعلى النسيج الاجتماعي، وقد كان ذلك نجاح أخلاقيّ كبير عدا النجاح الكبير في زيادة المقعد.
قبل نصف سنة أقامت سكرتارية الجبهة "لجنة المقعد الرابع" وقرّرنا تحطيم نحس "المقعد الثالث" وكان جريئًا منّا أن نقول لفروع الجبهة بوضوح: أن هدفنا هو الحصول على المقعد الرابع وإذا لم نحصل عليه فنعتبر ذلك فشلا، المقعد الرابع هو مقياس النجاح أو الفشل"، وقد كمنت الجرأة في وضع هدف محدّد للنجاح أو الفشل: المقعد الرابع! وهذا الهدف جعلنا نتّبع أسلوب تحديد هدف محدّد في كل فرع أيضًا ونصرّ على أن يُعلن عنه واعتباره مقياسًا لنجاح الفرع أو فشله! وبرأيي، فإنّ هذا التفكير هو عملي وجريئ في آن، حيث أنه لا يبحث عن أيّة مسوّغات للفشل، فالهدف يجب أن يتحقّق في النهاية ولا سبب موضوعي يمنع ذلك، فالأمر بأيدينا، وفقط بأيدينا، وقد حقّقت القيادات الميدانية هذا الهدف الكبير بنجاح صلب وأصيل وشريف.
ورغم أن الجبهة هي الجسم السياسي الوحيد الذي خاض الانتخابات منفردًا إلا أنه الوحيد الذي زاد فعليًا مقعدًا برلمانيًا "مالي هدومه" لتتعزّز مكانة الجبهة قوّة أولى بين الجماهير العربية ولتتعزّز انطلاقة الجبهة التي شهدت انجازًا هو الأكبر منذ عشرين عامًا في السلطات المحلية وهو الأكبر منذ عشرين عامًا في انتخابات الكنيست الحالية أيضًا.
ولست في هذه العجالة بصدد تحليل نتائج الانتخابات، من تصاعد قوى اليمين وشرعنة الخطاب الفاشي والترانسفيري في المجتمع الإسرائيلي، وأزمة اليسار واليسار الصهيوني الممثّل بحزب ميرتس. لكن علينا الإشادة بالجماهير العربية التي خرجت، رغم كل التنبؤات، لحماية مكانتها وقدرتها على التأثير، وكذلك الإشادة بانجاز الجبهة في الشارع اليهودي، رغم كل التحريض ضدهم وإصرارهم على مواقفهم البطولية، خاصة السياسية المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني والجماهير العربية.
في النهاية فبراك وتسيبي من ورائنا وليبرمان ونتنياهو من أمامنا وليس لنا والله سوى النضال، نضال شجاع ومسؤول، عربي يهودي مشترك، نضال قادر، ونحن قادرون معًا.
ولا يمكن عدم توجيه أسمى التحيات لآلاف الكوادر المخلصة التي تعمل بتطوّع وعطاء نادرين ولا يحرّكها سوى الوازع الوطني والأخلاقي.
قبل شهرٍ زرتُ رفيقنا الكبير توفيق طوبي في بيته في وادي النسناس في حيفا، وقلت له: ما هو النجاح الذي يرضيك، فرفع عينيه التاريخيتين ببطء شديد وقال بصوته المبحوح: أربعة مقاعد.
حقّقنا أربعة مقاعد كاملة وإلى الأمام يا جبهة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق